Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 1-2)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } ؛ قال ابنُ عبَّاس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا : ( يَعني بقوله { نۤ } الحوتُ الذي على الأرضِ واسمه لوثيا ، وذلك أنَّهُ لَمّا خلقَ اللهُ الأرضَ وفتَقها ، بعثَ اللهُ مَلكاً من تحتِ العرش فهبط إلى الأرضِ حتى دخلَ تحت الأرضِين السَّبع ، فوضعَها على عاتقهِ وإحدَى يديهِ بالمشرقِ والأُخرى بالمغرب ، فلم يكن لقَدَميهِ قرارٌ ، فأهبطَ اللهُ من الفردوسِ ثَوْراً له أربعون ألفَ قَرنٍ وأربعون قائمةً ، وجعلَ قرارَ قدمِ الْمَلَكِ على سنامهِ ، فلم تستقرَّ قَدماهُ ، فخلقَ الله قوَّة خضراءَ غِلظُها مسيرةُ خمسمائة سنةٍ ، فوضعَها بين سنامِ الثور وآذانه فاستقرَّتْ عليها قدماهُ ، وقُرون ذلك الثور خارجةٌ من أقطار الأرض ومنخاراهُ في البحرِ ، فهو يتنفَّسُ كلَّ يومٍ نَفَساً ، فاذا تنفَّسَ مدَّ البحرَ ، وإذا ردَّ نفسَهُ جَزَرَ ، فلم يكن لقوائمِ الثور موضعُ قرارٍ ، فخلقَ الله صخرةً خضراءَ كغِلَظِ سَبعِ سماوات وسبعِ أرضين ، فاستقرَّت قوائمُ الثور عليها ، وهي الصخرةُ التي قالَ لقمانُ لابنهِ { فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ } [ لقمان : 16 ] ، فم يكن للصَّخرةِ مستَقرٌّ ، فخلقَ الله نُوناً ، وهو الحوتُ العظيم فجعلَ الصخرةَ على ظهرهِ وسائرَ جسدهِ خالٍ ، والحوتُ على البحرِ ، والبحرُ على متنِ الرِّيح ، والريحُ على القدرة ) . وقال بعضُهم : هو اسمُ السُّورة . وَقِيْلَ : هو آخرُ حروفِ الرَّحمن وهي روايةٌ عكرمةَ عن ابنِ عبَّاس قالَ : ( الر و حم و ن حُرُوفُ الرَّحْمَنِ ) . وقال قتادةُ والضحَّاكُ : ( النُّونُ هِيَ الدَّوَاةُ ) ، وقال بعضُهم : هو لوحٌ من نورٍ . وقال عطاءُ : ( هُوَ افْتِتَاحُ اسْمِ اللهِ تَعَالَى : نُورٌ ، وَنَاصِرٌ ) . واختلفوا القراءةَ فيه ، فقرأ بعضُهم بإظهار النون ، وقرأ بعضُهم بإخفائها ، وقرأ ابنُ عبَّاس بالكسرِ على إضمار حروف القَسَمِ ، وقرأ عيسَى بن عمر بالفتحِ على إضمار فعل . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } قال المفسِّرون : هو القلمُ الذي كتبَ به اللوحَ المحفوظ ، قال ابنُ عبَّاس : ( أوَّلُ مَا خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ ، فَقِيلَ لَهُ : اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَهُوَ قَلَمٌ مِنْ نُورٍ طُولُهُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ) . وَقِيْلَ : لَمَّا خلقَ اللهُ القلمَ ، نظرَ إليه فانشقَّ نِصفَين ثم قالَ لَهُ : إجْرِ ، قالَ يا رب بمَا أجرِي ؟ قال : بما هو كائنٌ إلى يومِ القيامة ، فجرَى على اللوحِ المحفوظ بذلك . وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قالَ : " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : " أوَّلُ شَيْءٍ خَلَقَ اللهُ الْقَلَمَ ، ثُمَّ خَلَقَ النُّونَ وَهِيَ الدَّوَاةُ ، ثُمَّ قَالَ : اكْتُبْ مَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلٍ وَرزْقٍ وَأجَلٍ ، فَكَتَبَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ مِنْ ذلِكَ " " . قوله { وَمَا يَسْطُرُونَ } يعني وما تكتبُ الملائكةُ الْحَفَظَةُ من أعمال بني آدمَ ، وجوابُ القسَمِ { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } وهو جوابٌ لقولهِم { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ ٱلذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ } [ الحجر : 6 ] ، فأقسمَ اللهُ تعالى بالنُّون والقلمِ وبأعمال بني آدمَ فقال : { مَآ أَنتَ } ؛ يا مُحَمَّدُ ؛ { بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } ؛ أي ما أنت بإنعامهِ عليكَ بالنبوَّةِ والإيمانِ بمجنونٍ .