Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 42-43)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } معناهُ : يومَ يُكشَفُ عن الأمُور الشدائدِ وهو يومُ القيامةِ ، وهذا مما كَثُرَ استعمالهُ في كلامِ العرب على معنى يومٍ يشتدُّ الأمرُ كما يشتدُّ ما يحتاجُ إلى أن يكشفَ فيه عن ساقٍ ، ومِن ذلك قولُهم : قَامَتِ الحربُ على ساقٍ ، وكَشَفَتْ عن ساقٍ ، وإن لم يكن للحرب ساقٌ . وانتصبَ قوله { يَوْمَ يُكْشَفُ } على الظَّرفِ لقوله { فَلْيَأتُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ } في ذلك اليومِ لتَنفَعهم أو تشفعَ لهم ، وعن عكرمةَ قالَ : سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى : { يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } فَقَالَ : إذا خَفِيَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فَابْتَغُوهُ فِي الشِّعْرِ ، فَإنَّهُ دِيوَانُ الْعَرَب ، أمَا سَمِعْتُمْ قَوْلَ الشَّاعِرِ : @ وَالْخَيْلُ تَعْدُو عِنْدَ وَقْتِ الإشْرَاقِ وَقَامَتِ الْحَرْبُ بنَا عَلَى سَاقِ @@ أي يومُ القيامة يومُ كَرْبٍ وشدَّة ، وقال ابنُ قتيبة : ( أصْلُ هَذا أنَّ الرَّجُلَ إذا وَقَعَ فِي أمْرٍ عَظيِمٍ يَحْتَاجُ إلَى الْجِدِّ فِيْهِ يُشَمِّرُ عَنْ سَاقَيْهِ ) فاستُعيرَ الكشفُ عن الساقِ في موضع الشدَّة ، وقال دريدُ بن الصمَّة يرثِي أخاهُ : @ كَشَمْسِ الإزَار خَارجٌ نِصْفُ سَاقِهِ صَبُورٌ عَلَى الْجَلاَ طَلاَّعُ أنْجُدِ @@ يقالُ للأمرِ إذا اشتدَّ وتفاقمَ وتراكبَ غمُّهُ وكشفَ عن ساقهِ يومَ يشتدُّ الأمرُ ، كما يشتدُّ ما يحتاجُ إليه إلى أنْ يكشفَ عن ساقٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } قال المفسِّرون : يسجدُ الخلق كلُّهم سجدةً واحدةً ، ويبقى الكفَّارُ والمنافقون يرِيدُون أن يسجُدوا فلا يستطيعون ، كما رُوي : أن أصلاَبَهم يومئذٍ تصيرُ عَظْماً واحداً مثلَ صَيَاصِيِّ البقرِ ، يعني قُرونَها . ويقالُ : يأمرُ الله أهلَ القيامةِ بالسُّجود ، فمَن كان يسجدُ له في الدُّنيا قَدَرَ على السُّجود في الآخرةِ ، ومَن لا فلاَ ، فيكون ذلك أمارَةَ تَمييزِ المؤمن من الكافرِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { خَٰشِعَةً أَبْصَٰرُهُمْ } ؛ أي ذليلةً ، وذلك إذا عايَنوا النارَ ، وأيقَنُوا بالعذاب . قَوْلُهُ تَعَالَى : { تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } ؛ أي تَغشَاهُم ذِلَّةُ الندامةِ والحسرةِ ، وتعلُوهم كآبةٌ وحزنٌ وسوادُ الوجهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَقَدْ كَانُواْ يُدْعَوْنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ } ؛ يعني وقد كَانُوا يُدعَون بالأذانِ في الدُّنيا ، ويُؤمَرون بالصلاةِ المكتوبَة ، { وَهُمْ سَٰلِمُونَ } ؛ أي مُعَافُون ليس في أصلابهم مثل سَفَافِيدِ الحديدِ .