Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 68, Ayat: 4-4)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } ؛ أي على دِينٍ عظيمٍ لم أخلِقْ ديناً أحبَّ إلَيَّ ، ولا أرضَى عندي منهُ ، يعني الإسلامَ ، ورُوي عن عكرمةَ عن ابنِ عبَّاس : ( يَعْنِي الْقُرْآنَ ) والمرادُ آدابُ القرآنِ كما أمرَ اللهُ به نبيَّهُ عليه السلام . وسُئِلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ خُلُقِهِ ، فَقَالَتْ لِلسَّائِلِ : ( إقْرَأ الْعَشْرَ الَّتِي فِي أوَّلِِ سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَرَأهَا ، فَقَالَتْ : تِلْكَ خُلُقُهُ ) . وَقِيْلَ : لَمَّا سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ خُلُقِهِ ، قَالَتْ : ( كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنُ ، يَسْخَطُ لِسُخْطِهِ ، وَيَرْضَى لِرِضَاهُ ) . ويقال : " إنَّ جبريلَ عليه السلام لَمَّا جاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم بقوله : { خُذِ ٱلْعَفْوَ وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ ٱلْجَاهِلِينَ } قال : " أتَيْتُكَ يَا مُحَمَّدُ بمَكَارمِ الأَخْلاَقِ : أنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ ، وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ " وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : " بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارمَ الأَخْلاَقِ ، أدَّبَنِي رَبي فَأَحْسَنَ تَأْدِيبي " . ويقال : " إنَّهُ صلى الله عليه وسلم احتملَ للهِ في البلاءِ إلى أنْ قالَ حين شُجَّ في وجههِ : " اللُّهُمَّ اهْدِ قَوْمِي فَإنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ " فأنزلَ اللهُ تعالى { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } " قال الجنيد : ( سَمَّى خُلُقَهُ عَظيماً لأنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ هَمٌّ سِوَى اللهِ تَعَالَى ) . وَقِيْلَ : إنه صلى الله عليه وسلم عاشَرَهم بخُلقهِ وزايَلهم بقلبهِ ، كان ظاهرهُ مع الْخَلقِ وباطنهُ مع الحقِّ ! وَقِيْلَ : سَمَّى خلقَهُ عظيماً لاحتمالِ مكارمِ الأخلاق فيه . وقالت عائشةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : ( إنَّ الرَّجُلَ لَيُدْركُ بخُلُقِهِ دَرَجَةَ قَائِمِ اللَّيْلِ وَصَائِمِ النَّهَار ) ، وقالَ صلى الله عليه وسلم : " مَا مِنْ شَيْءٍ أثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ خُلُقٍِ حَسَنٍ " وقال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ أحَبَّكُمْ إلَى اللهِ تَعَالَى أحَاسِنُكُمْ أخْلاَقاً ، الْمُوَطِّئُونَ أكْنَافاً ، الَّذِينَ يُؤْلَفُونَ وَيَأْلَفُونَ . وَأبْغَضُكُمْ إلَى اللهِ تَعَالَى الْمَشَّاءونَ بالنَّمِيمَةِ ، الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الإخْوَانِ ، الْمُلْتَمِسُونَ لِلْعَثَرَاتِ " .