Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 150-150)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَٰنَ أَسِفاً } ؛ أي رجعَ مُوسَى من الجبلِ إلى قومهِ شديدَ الغضب حَزِيناً ، { قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِيۤ } ؛ فَعَلْتُمْ خَلْفِي في غَيبَتِي بعبادةِ العجل ، { أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ } ؛ معناهُ : أسْتَبْطَأْتُمْ وعدَ ربكم الذي وعدَ في أربعين ليلةٍ ، { وَأَلْقَى ٱلأَلْوَاحَ } ؛ مِن يده التي كانت فيها التوراةُ وألقاها من يدهِ ، { وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : ( أخَذ رَأسَهُ بيَدِهِ الْيُمْنَى وَلِحْيَتَهُ بيَدِهِ الْيُسْرَى ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي وَكَادُواْ يَقْتُلُونَنِي } ؛ أي قَهَرُونِي واستذلُّونِي وهَمُّوا بقتلِي ، وكان هارون أخاهُ لأبيهِ وأُمِّهِ ولكنَّهُ قال ( يَا ابْنَ أُمَّ ) لِتَرَفُّقِهِ عليه ، وعلى هذه طريقةُ العرب . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ } ؛ لا تُفَرِّحْهُمْ عليَّ ولا تظُنَّ أنِّي رضيتُ بفعلِ القوم الظالمين ، { وَلاَ تَجْعَلْنِي مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّٰلِمِينَ } ؛ فلا تجعَلني مع عَبَدَةِ العجلِ في الغضب عليَّ ، وكان هارونُ أكبرَ من موسى بثلاثِ سنين ، وأحبَّ إلى بني إسرائيلَ من موسى . قرأ ابنُ عبَّاس والكوفيُّون إلاَّ حفصاً ( يَا ابْنَ أُمِّ ) بكسرِ الميم هُنا ، وفي طه فحَذفُوا ياءَ الإضافةِ ؛ لأنَّ مَبْنَى النداءِ على الحذفِ ، وبقِيَتِ الكسرةُ على الميمِ دَليلاً على ياءِ الإضافةِ كقولهِ ( يَا عِبَادِ ، وَيَا قَوْمِ ) ، وقرأ ابنُ السُّمَيقِعِ ( يَا ابْنَ أُمِّي ) باثباتِ الياء ، وقرأ الباقون بفتحِ الميمِ على معنى يا ابنَ أُمَّاهُ . وقولهُ تعالى : { ٱسْتَضْعَفُونِي } بعبادةِ العجلِ ، وقولُه تعالى : { فَلاَ تُشْمِتْ بِيَ ٱلأَعْدَآءَ } ، قرأ مجاهدُ ومالكُ بن دينارٍ : ( فَلاَ تَشْمَتْ ) بفتح التاءِ والميم ، ورفعِ ( الأَعْدَاءُ ) ، والشَّماتَةُ هي سرورُ العدوِّ . فإنْ قِيْلَ : لِمَ جازَ لموسى أن يُجرَّ برأسِ هارون ولحيتهِ ، والانبياءُ لا يجوز لأحدٍ أن يستخفَّ بهم ، وكان هارونُ نبيّاً ؟ قِيْلَ : إنَّ هذا كان منهُ على جهةِ العِتَاب لا على جهةِ الْهَوَانِ . وَقِيْلَ : لأنه أجراهُ مجرَى نفسهِ من حيث أنَّهما كانَا في النبوَّةِ والأُخوَّةِ كالنفسِ الواحدة ، وقد يقبضُ الإنسانُ عند الغَيْظِ على لحيةِ نفسه ، ويعُضُّ إبْهامَيْهِ وشَفَتيه ، كما رُوي ( أنَّ عُمَرَ رضي الله عنه كَانَ إذا حَزَبَهُ أمْرٌ فَتَلَ شَاربَهُ ) . إلاَّ أنَّ هارونَ خافَ أن يتوهَّم جُهَّالُ بني إسرائيل أنَّ موسى غضبانٌ عليه كغَضَبهِ على مَن عَبَدَ العجلَ ، فقالَ : { ٱبْنَ أُمَّ إِنَّ ٱلْقَوْمَ ٱسْتَضْعَفُونِي … } الآية . وَقِيْلَ : إنَّ موسى فَعَلَ هذا بهارون في حالةِ الغضب التي لا يملكُ الإنسانُ فيها نفسَهُ ، وكان ذلك صغيرةً منه ، كما ألقَى الألواحَ لشدَّة الغضب ، وكان الواجبُ عليه أن يُعَظِّمَها .