Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 155-157)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا } ؛ ومعناهُ : واختارَ موسى مِن قومهِ سبعين رجُلاً للوقتِ الذي وقَّتنا لهُ يصحَبُهم مع نفسهِ عند الخروجِ إلى الميقاتِ ، فيشهَدُوا عند قومِهم على سماعِ كلامِ الله ، فإنَّهم كانوا لا يُصدِّقون موسَى في أنَّ الله كَلَّمَهُ ، وكانوا اثنَى عشرَ سِبْطًا ، فاختارَ مُوسَى من كلِّ سبط ستَّةً ، وخلفَ منهم رجُلين ، وقال : إنَّما أُمِرتُ بسبعين فليَرجِعْ اثنانِ منكم ، ولَهما أجرُ مَنْ حَضَرَ ، فرجَعَ يُوشَعُ بن يُونَا وكالبُ بن يوقَنَّا ، وذهبَ موسى مع السبعين الى الجبلِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } ؛ أي الزَّلزَلَةُ الشديدةُ عند الجبلِ ، { قَالَ } ؛ موسَى : { رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ } ؛ أنْ حملتَهم إلى الميقاتِ ، وأهلَكتَني معهم بقتلِ القبطيِّ ، وظنَّ موسى أن الرجفةَ إنَّما أخذتْهم بسبب عبادة بني إسرائيل العجلَ ، فقال : { أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَّآ } ثم قال : { إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ } ؛ يعني ما عبادةُ العجلِ إلاَّ بَلِيَّتُكَ إذ صار الروحُ في العجلِ ، { تُضِلُّ بِهَا } ؛ بالفتنةِ ، { مَن تَشَآءُ وَتَهْدِي مَن تَشَآءُ } . قَوْلُهُ تَعَالَى : { أَنتَ وَلِيُّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا وَٱرْحَمْنَا } ؛ أي أنتَ ناصِرُنا وحافظُنا ومتولِّي أُمورنا فاغفِرْ لنا ذُنوبَنا وارحمنا ولا تعذِّبنا ، { وَأَنتَ خَيْرُ ٱلْغَافِرِينَ } . وَقِِيْلَ : إنَّ موسى عليه السلام لَمَّا هلكَ السَّبعون ، جعلَ يبكِي ويقولُ : يا رب ماذا أقولُ لبَنِي إسرائِيلَ إذا رجعتُ إليهم ، وقد أهلكتَ خيارهم ؟ فَبَعَثَهم اللهُ كما قال : { ثُمَّ بَعَثْنَٰكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ } [ البقرة : 56 ] وقد تقدَّم تفسيرُ ذلك في البقرةِ . قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَٱكْتُبْ لَنَا فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةً } ؛ يعني العلمَ والعبادةَ ، وقولهُ تعالى : { وَفِي ٱلآخِرَةِ } ؛ أي واكُتبْ لنا في الآخرةِ حَسَنَةً وهي الجنَّةُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّا هُدْنَـآ إِلَيْكَ } ؛ أي أنَبْنَا ورجَعنا بالتوبةِ ، يقالُ : هَادَ يَهُودُ ؛ إذا رجعَ ، ولَم يُؤخذ اسمُ اليهودِ مِن هذا وإنما أُخِذ من تَهَوَّدَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { قَالَ عَذَابِيۤ أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَآءُ } ؛ مِن عبادي مِمَّن هو أهلٌ لذلك ، { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } ؛ يعني وسِعَتِ البرَّ والفاجرَ . قال ابنُ عبَّاس : ( لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَطَاوَلَ لَهَا إبْلِيسُ وَقَالَ : أنا شَيْءٌ مِنَ الأَشْيَاءِ ، فَأخْرَجَهُ اللهُ مِنْ ذلِكَ بقَوْلِهِ : { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ } ) أي سَأُوجِبُها للَّذين يتَّقونَ الشِّركَ والمعاصي ، { وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـاةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ } . فَقَالتْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى : نَحْنُ نَتَّقِي وَنُؤْتِي الزَّكَاةَ وَنُؤْمِنُ بآيَاتِ رَبنَا ، فأَخْرَجَهُمُ اللهُ مِنَْهَا بقَوْلِهِ : { ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِيَّ ٱلأُمِّيَّ } ؛ يعني مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُ أُمِّيّاً لأنه لم يُحسنِ الكتابةَ ، قال الله تعالى : { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ } [ العنكبوت : 48 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لا َنَكْتُبُ وَلاَ نَحْسِبُ " قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَٱلإِنْجِيلِ } ؛ يعني نَعْتَهُ وصفَتهُ وخاتَمه الذي بين كَتِفَيهِ ونعتَ أُمَّته وشريعتهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَأْمُرُهُم بِٱلْمَعْرُوفِ } ؛ أي بالتوحيدِ وشَرائعِ الإِسلامِ ؛ { وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ } ؛ أي عن كلِّ ما لا يُعرَفُ في شريعةٍ ولا سُنَّة . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيُحِلُّ لَهُمُ ٱلطَّيِّبَاتِ } ؛ أي ما اكتسبوهُ من وجهٍ طيِّبٍ ، { وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ ٱلْخَبَآئِثَ } ؛ ما اكتسبوهُ من وجهٍ خَبيثٍ ، { وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ } يعني ثِقلَهُمْ ، قال قتادةُ : ( يَعْنِي التَّشْدِيدَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِمْ فِي الدِّينِ وَمَأ أُمِرُواْ بهِ مِنْ قِبَلِ أنْفُسِهِمْ فِي التَّوْرَاةِ ، وَقَطْعِ الأَعْضَاءِ الْخَاطِئَةِ ) . وقال عطاءُ : ( يَأْمُرُهُمْ بالْمَعْرُوفِ وبخَلْعِ الأَنْدَادِ وَمَكَارمِ الأَخْلاَقِ وَصِلَةِ الأَرْحَامِ ، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ أيْ عَنْ عِبَادَةِ الأَصْنَامِ وَقَطْعِ الأَرْحَامِ ، وَيُحِلَّ لَهُمُ الطَّيِّبَ يَعْنِي الْحَلاَلَ الَّتِي كَانَتِ الْجُهَّالُ تُحَرِّمُهَا مِنَ الْبَحَائِرِ وَالسَّوَائِب وَالْوَصَائِلِ ، وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ الْخَبَائِثَ يَعْنِي الْمَيْتَةَ والدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَالرِّبَا وَغَيْرَهُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلأَغْلاَلَ ٱلَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } ؛ كنايةً عن الأمور الشَّديدة التي كانت عليهم ، كان إذا أصابَ ثوبَ أحدِهم شيءٌ من النجاسةِ وجبَ قطعهُ ، وكان عليهم أنْ لا يعمَلُوا في السَّبتِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ } ؛ أي فالذين صدَّقُوا بهذا النبيِّ وعَظَّمُوهُ وأعانوهُ بالسَّيفِ على الأعداءِ ، { وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيۤ أُنزِلَ مَعَهُ } ؛ يعني القرآنَ الذي ضِياؤهُ في القلوب كضياءِ النُّور في العيُونِ ، { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } ؛ أي الظَّافِرُونَ بالْمُرادِ والبقاءِ .