Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 187-187)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } ؛ قال الحسنُ وقتادة : ( سَأَلَتْ قُرَيْشُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَتَى السَّاعَةُ الَّتِي تُخَوِّفُنَا بهَا ؟ فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) ، ومعناها : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } أي أوَانِ قِيَامِهَا ومتَى مَثْبَتُهَا ، يقال : رَسَي الشيءُ يَرْسُو إذا ثَبَتَ ، ومنه الجبالُ الرَّاسِيَاتُ ؛ أي الثابتاتُ ، والْمَرْسَى : مُسْتَقَرُّ الشَّيءِ الثقيلِ ، وقال ابنُ عبَّاس : ( سأَلَتِ الْيَهُودُ مُحَمَّداً صلى الله عليه وسلم فَقَالُواْ لَهُ : أخْبرْنَا عَنِ السَّاعَةِ إنْ كُنْتَ نَبيّاً فَإِنَّا نَعْلَمُ مَتَى هِيَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةِ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } ؛ أي عِلْمُ قيامِها عند اللهِ سبحانَهُ ، ما لي بها من علمٍ ، { لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ } أي لا يَكشِفُها ويُظهِرُها لحينِها إلاَّ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وقال مجاهدُ : ( أيْ لاَ يَأْتِي بهَا إلاَّ هُوَ ) ، وقال السديُّ : ( لاَ يُرْسِلُهَا لِوَقْتِهَا إلاّ هُوَ ) . ووجهُ الامتناعِ عن الإجابةِ عن بيان وقتِها ، أنَّ العبادَ إذا لم يعرِفُوا وقتَ قيامِها كانوا على حذرٍ مِن ذلك ، فيكون ذلك أدعَى إلى الطاعةِ وأزجرُ عن المعصيةِ . وقولهُ تعالى : { ثَقُلَتْ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } ؛ قال الحسنُ : ( ثَقُلَ وَضِْعُهَا عَلَى أهْلِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مِنِ انْتِثَارِ النُّجُومِ وَتَكْويرِ الشَّمسِ وَتَسْييرِ الْجِبَالِ ) . وقال قتادةُ : ( ثَقُلَتْ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ تُطِيقُهَا لِعِظَمِهَا ) . وقال السديُّ : ( ثَقُلَ عِلْمُهَا عَلَى أهْلِ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ فَلَمْ يُطِيقُوا إدْرَاكَهَا وَكُلُّ شَيْءٍ خَفِيَ فَقَدْ ثَقُلَ ، وَلاَ يَعْلَمُ قِيَامَهَا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ وَلاَ نَبيٌّ مُرْسَلٌ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لاَ تَأْتِيكُمْ إِلاَّ بَغْتَةً } ؛ أي فُجْأَةً لا يعلمون وقتَ قيامِها ، فتقومُ والرجلُ يسقِي ماشيتَهُ ، والرجلُ يُصلِحُ حوضَهُ ، والرجلُ يقيم سلعتَهُ في سُوقهِ ، والرجلُ يخفِضُ ميزانَهُ ويرفعهُ ، والرجل يهوِي بلُقمتهِ في فَمِهِ ، فما يدركُ أنْ يضعَها في فمهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } ؛ قال الضحَّاكُ ومجاهد : ( مَعْنَاهُ كَأنَّكَ عَالِمٌ بهَا ) ، وقال ابنُ عبَّاس : ( هَذا عَلَى تَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ ، مَعنَاهُ : { يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا } أي بَارٌّ لَطِيفٌ بهم من قوله : { إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيّاً } [ مريم : 47 ] ، وَقِيْلَ : معناهُ كأنَّكَ فَرِحٌ بمسألتِهم إيَّاكَ ، وَقِيْلَ : معناهُ : كأنَّكَ حاكمٌ بها ، يقالُ : تَحَافَينَا إلى فلانٍ ؛ أي تخاصَمْنا إليه ، والْحَافِي هو الحاكمُ . قَوْلُهُ تعَالَى : { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } ؛ الفائدةُ في إعادتِه ردُّ المعلومات كلّها إلى اللهِ ، فيكون التكرارُ على وجهِ التأكيد ، وَقِيْلَ : أرادَ بالأول علمَ وقتِها ، وبالثاني علمَ كُنْهِهَا . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } ؛ أنَّها كائنةٌ وأن عِلمَها عندَ اللهِ ، وفي الآيةِ دلالةٌ على بُطلانِ قول مَن يدَّعي العلمَ بمدَّةِ الدُّنيا ، ويستدلُّ بما رُوي أنَّ الدنيا سبعةُ آلاف سنة ؛ لأنه لو كان كذلك كان قيامُ الساعةِ معلوماً ، وأما قوله صلى الله عليه وسلم : " بُعِثْتُ أنَا وَالسَّاعَةِ كَهَاتَيٍْنِ " وَأشَارَ إلَى السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى ، فمعناهُ تقريبُ الوقتِ لا تحديدهُ كما قال تعالى : { فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا } [ محمد : 18 ] أي بَعْثُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من أشراطِها .