Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 46-46)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ } ؛ أي بين الجنَّةِ والنار سُورٌ يحجبُ بينَ الفريقين ، كما قالَ تعالى : { فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ ٱلرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ ٱلْعَذَابُ } [ الحديد : 13 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ } ؛ أي وعلى أعَالِي السُّور بابٌ ؛ يقال : أعالِي عُرْفٍ وجَمْعُهُ أعْرَافٌ ؛ ومنه عُرْفُ الدِّيكِ ؛ وعُرْفُ الأضراسِِ . والأعْرَافُ : سُورٌ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ؛ سُمِّي أعرافاً لأن أصحابَهُ ، { يَعْرِفُونَ } ؛ الناسَ ؛ { كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ } ؛ يعرفونَ أهلَ الجنَّةِ ببياضِ وجوههم ؛ وأهلَ النَّار بسوادِ الوجوهِ . قال عبدُاللهِ بنُ عبَّاس : ( أصحابُ الأعْرَافِ : قَوْمٌ اسْتَوَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَسَيِّئَاتُهُمْ ، فَحَالَتْ حَسَنَاتُهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّار ، وَحَالَتْ سَيِّئَاتُهُمْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حَسَنَاتٌ فَاضِلَةٌ يَدْخُلُونَ بهَا الْجَنَّةَ ، وَلاَ سَيِّئَاتٌ فَاضِلَةٌ يَدْخُلُونَ بهَا النَّارَ ، فَوَقَفُواْ عَلَى السُّورِ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّار يَعْرِفُونَ الْكُلَّ بسِيْمَاهُمْ . فَمَنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ عَرَفُوهُ ببيَاضِ وَجْهِهِ أغَرّ مُحَجَّلاً مِنْ أثَرِ الْوُضُوءِ ؛ ضَاحِكاً مُسْتَبْشِراً . وَمَنْ دَخَلَ النَّارَ عَرَفُوهُ بسَوَادِ وَجْهِهِ وَزُرْقَةِ عَيْنَيْهِ ) . وعن أبي مَجْلِِزٍ رَحِمَهُ اللهُ أنه قال : ( هُمُ المَلاَئِكَةُ ) . فبلغَ ذلك مجاهدَ فقال : ( كَذبَ أبُو مَجْلِزٍ ؛ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى : { وَعَلَى ٱلأَعْرَافِ رِجَالٌ } . فبلغَ ذلك أبا مجْلِزٍ ؛ فقال : ( هُمُ الْمَلاَئِكَةُ ، وَالْمَلاَئِكَةُ ذُكُورٌ لَيْسَ بإنَاثٍ ؛ صُوَرُهُمْ صُوَرُ الرِّجَالِ ) . وَقِيْلَ : قومٌ استوت حسناتُهم وسيِّئاتُهم ، فَوُقِفُوا هناكَ حتى يقضيَ اللهُ فيهم ما يشاءُ ، ثم يدخلونَ الجنَّةَ بفضلِ رحمتهِ ؛ وهم آخرُ مَن يدخلُ الجنة قد عَرَفُوا أهلَ الجنَّة وأهلَ النار . فإذا أرادَ الله أن يُعَافِيَهُمْ انطلقَ بهم إلى نَهْرٍ يقال لَهُ : نَهرُ الْحَيَاةِ ؛ كَأَفْتَاتِ الذهَبِ ؛ مُكَلَّلٌ باللُّؤلؤِ ؛ تُرابُهُ الْمِسْكُ . فَيُلْقَوا فيه حتى تُصْبحَ ألوانُهم في نحورهم شامةً بيضاءَ يُعْرَفُونَ بها ، ثم يُؤْتَى بهم فيدخلونَ الجنَّة ، يُسَمَّوْنَ مساكينَ أهلِ الجنَّةِ . " وسَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ ! مَنْ أصْحَابُ الأَعْرَافِ ؟ قَالَ : " هُمْ رجَالٌ غَزَوا فِي سَبيْلِ اللهِ عُصَاةٌ لآبَائِهِمْ ؛ فقُتِلُوا فَأُعْتِقُوا مِنَ النَّارِ يقَتْلِهِمْ فِي سَبيْلِ اللهِ ، وَحُبسُوا عَنِ الْجَنَّةِ بمَعْصِيَتِهِمْ آبَاءَهُمْ ، فَهُمْ آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ " " ورويَ عنِ ابنِ عبَّاس أيضاً أنه قالَ : ( هُمْ أوْلاَدُ الزِّنَا ) . وعن مجاهدٍ : ( أنَّهُمْ قَوْمٌ رَضِيَ عَنْهُمْ آباؤُهُمْ دُونَ أُمَّهَاتِهِمْ ، أوْ أُمَّهَاتُهُمْ دُونَ آبَائِهِمْ ، فَيُحْبَسُونَ فِي الأَعْرَافِ إلَى أنْ يَقْضِيَ اللهُ بَيْنَ خَلْقِهِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَنَادَوْاْ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ } ؛ معناهُ : أنَّ أصحابَ الأعرافِ إذا نَظَرُوا إلى أصحاب الجنَّةِ قالوا لَهم : سَلامٌ عَلَيْكُمْ ، فيردُّ أهلُ الجنَّةِ عليهم السَّلامَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَمْ يَدْخُلُوهَا } أي لا يدخلُ أصحابُ الأعراف الجنَّةَ وهم يطمعونَ في دخولِها ، بأنْ يغفرَ اللهُ لَهم سيِّئاتِهم ويُدْخلَهم الجنَّةَ بحسناتِهم . وما جعلَ اللهُ الطمعَ في قلوبهم إلاَّ لكرامةٍ يزيدُهم بها .