Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 57-57)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } ؛ قرأ عاصم ( بُشْراً ) بالباءِ المضمُومةَ والشِّين الَمَجْزُومَةِ ؛ يعني أنه يَنْشُرُ بالمطرِ ، يدلُّ عليه قَوْلَهُ : { ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } [ الروم : 46 ] . وقرأ ( بُشُراً ) بضمِّ الباءِ والشِّين على جمعِ ( بُشُر ) ؛ مثل نُذُرٍ ونَذِيْرٍ . وقرأ ابنُ عامرٍ : ( نُشُراً ) بالنون المضمُومة وإشكال الشِّينِ . وقرا حمزةُ والكسائيُّ : ( نَشْراً ) بالنونِ المفتوحة ، وحزمِ الشِّين على التخفيفِ . وقرأ مسروقُ : ( نَشَراً ) بفتحتين ؛ أراد مَنْشُوراً . وقرا نافعٌ وابنُ كثيرٍ وأبو عمرٍو : ( نُشُراً ) بالنون المضمومة وضَمِّ الشِّين . وقرأ بعضُهم : ( وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيْحَ ) بلفظ الوِحْدَانِ . واختارَ أبو عُبيد لفظَ الجماعةِ ، وكان يقولُ : ( كُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ مِنَ الرِّيَاحِ ذكَرٌ فَهُوَ لِلرَّحْمَةِ ، وَمَا كَانَ مِنْ ذِكْرِ الرِّيَاحِ أنْثَى فَهُوَ لِلْعَذابِ ) . واحتجَّ بمَا رويَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنهُ كان يقولُ إذا هبَّتْ ريْحٌ : " اللَّهُمَ اجْعَلْهَا ريَاحاً ، وَلاَ تَجْعَلْهَا ريْحاً " . والنَّّشْرُ : جمع النَّشُور ؛ وَهِيَ الرِّيَاحُ الَّتِي تَهُبُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ؛ فَتُثِيرُ السَّحَابَ كَصَبُورٍ وَصَبْرٍ . ومن قرأ ( نُشْراً ) بضمَّةٍ واحدةٍ فللتخفيف ، كما يقالُ : رُسُلٌ ورُسْلٌ . ومن قرأ ( نَشْراً ) بنصب النون على معنى نَنْشُرُ السَّحابَ نَشْراً . والنَّشْرُ خِلاَفُ الطَّيِّ كَنَشْرِ الثَّوْب بَعْدَ طَيِّهِ ، قال الفرَّاءُ : ( النَّشْرُ مِنَ الرِّيَاحِ : الطَّيْبَةُ اللَّيِّنَةُ الَّتِي تُنْشئُ السَّحَابَ ) . ومن قرا ( بُشْراً ) بالباءِ والضمِّ ؛ فهو جمعُ بَشِيْرٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي قُدَّامَ الْمَطَرِ ، وَقَوْلُهٌُ تَعَالَى : { حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } ؛ أي سُقْنَا السَّحابَ بأمرِ اللهِ إلى أرضٍ ليس فيها نباتٌ ، قال ابنُ عبَّاس : ( يُرْسِلُ اللهُ الرِّيَاحَ فَتَحْمِلُ السَّحَابَ ، فَتَمُرُّ بهِ كَمَا يَمُرُّ الرَّجُلُ النَّاقَةَ وَالشَّاةَ حَتَّى تُدِرَّ ثُمَّ تُمْطِرَ ، فَيَخْرُجُ بالْمَطَرِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى : { سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } أو لأَحْيَا بلداً مَيِّتاً لا نباتَ فيه . وَقِيْلَ : لا تُمطر السَّماءُ حتى يُرْسِلَ اللهُ أربعةَ أرياحٍ : فَالصَّبَا تُهَيِّجُهُ ، والشِّمَالُ تَجْمَعُهُ ، والجنوبُ تَدُرُّهُ ، والدُّبُورُ تَصْرِفُهُ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ } ؛ أي بالسَّحَاب ، وَقِيْلَ : بالبلدِ المِّيتِ الذي لا ماءَ فيه ولا كَلأَ ، يَنْزِلُ اللهُ به المطرَ ، { فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } ؛ أي فيخرجُ به ألْوَانَ ؛ { كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ } ؛ أي مِثْلَ ذلكَ الإخراجِ الذي ذكرناهُ في إحياءِ الأرض الميِّتة ، كَذلِكَ نُخْرجُ الْمَوْتَى من قُبُورهِمْ يومَ القيامةِ ، { لَعَلَّكُمْ } بما ينالُكم ، { تَذَكَّرُونَ } ؛ أي تَستَدِلُّونَ على توحيدِ الله وأنهُ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُور . وقال ابنُ عبَّاس وأبُو هُرِيْرةَ : ( إذا مَاتَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي النَّفْخَةِ الأُوْلَى ، مُطِرَتِ السَّمَاءُ أرْبَعِينَ يَوْماً قَبْلَ النَّفْخَةِ الأَخِيْرَةِ مِثْلَ مَنِيِّ الرِّجَالِ ، فَيَنْبتُونَ مِنْ قُبُورهِمْ مِنْ ذلِكَ الْمَطَرِ كَمَا يَنْبتُونَ فِي بُطُون أمَّهَاتِهِمْ ، وَكَمَا يَنْبُتُ الزَّرْعُ مِنَ الْمَاءِ ، حَتَّى إذا اسْتُكْمِلَتْ أجْسَادُهُمْ نُفِخَ فِيْهَا الرُّوحَ ، ثُمَّ يُلْقِي عَلَيْهِمْ نَوْمَةً فَيَنَامُونَ فِي قُبُورهِمْ ، فَإذا نُفِخَ فِي الصُّور النَّفْخَةَ الثَّانِيَةَ - وَهِيَ نَفْخَةُ الْبُوقِ - جَلَسُوا وَخَرَجُوا مِنْ قُبُورهِمْ ، وَهُمْ يَجِدُونَ طَعْمَ النَّوْمِ فِي رُؤُوسِهِمْ ، كَمَا يَجِدُ النَّائِمُ إذا اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ ، فَعِنْدَ ذلِكَ يَقُولُونَ : يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا . فَيُنَادِيْهِمْ : هَذا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمَرْسَلُونَ ) .