Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 79, Ayat: 25-27)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } ؛ معناهُ : لَمَّا بلغَ في استكثارهِ وكُفرهِ إلى حدٍّ لا ينفعُ فيه الوعظُ ، حينئذٍ أخذهُ اللهُ بعقوبةٍ صارَ بها نَكالاً في الدُّنيا والآخرة ، و { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } [ غافر : 46 ] ولو تفكَّرَ هؤلاءِ الجهَّالُ لعَلموا أنه لو كان إلَهاً لم يحتَجْ إليهم لدفعِ ضرَر الحيَّة التي يخافُها . وَقِيْلَ : معنى { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ } يعني كلمَتي فرعون حين قالَ { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [ القصص : 38 ] وقَوله { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } وكان بينَهما أربَعون سَنةً . قال مجاهدُ : ( ( هَذا مَعْنَى الآخِرَةِ وَالأُوْلَى ، وَهِيَ الْكَلِمَةُ الأَخِيرَةُ ، وَقَوْلُهُ تعالى { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [ القصص : 38 ] هِيَ الْكَلِمَةُ الأُوْلَى ) ) وهذا قولُ أكثرِ المفسِّرين . وقال الحسنُ : ( ( مَعْنَى : نَكَالَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، الأُوْلَى : غَرَقُهُ فِي الدُّنْيَا ، وَعَذَابَهُ فِي الآخِرَةِ بالنَّار ) ) . وعن ابنِ عبَّاس قالَ : ( ( قَالَ مُوسَى : يَا رَب أمْهَلْتَ فِرْعَوْنَ أرْبَعَمِائَةَ سَنَةٍ وَهُوَ يَقُولُ : أنَا رَبَّكُمُ الأَعْلَى ، وَيُكَذِّبُ بآيَاتِكَ وَرُسُلِكَ ، فَأَوْحَى اللهُ إلَيْهِ أنَّهُ كَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ سَهْلَ الْحِجَاب ، فَأَحْبَبْتُ أنْ أكَافِئَهُ ) ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } ؛ أي إن في الذي فعلَ فرعونُ من العقوبةِ حين كذبَ عِظَةً لِمَن يخشَى عذابَ الله . والعبرةُ : هي الدَّلالةُ المؤدِّية إلى الحقِّ . ثم خاطبَ مُنكرِي البعثِ فقالَ تعالى : { ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ } ؛ الخطابُ لأهلِ مكَّة ، يقولُ أأنْتُمْ أشَدُّ خَلْقاً ، معناهُ : أخَلقُكم بعدَ الموتِ أشدُّ عندَكم أمِ السَّماءُ في تقديرِكم ؟ وهُما في قُدرةِ الله واحدٌ ، وهذا كقولهِ { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] . وقولهُ تعالى : { بَنَاهَا } ؛ أي بنَاها مع عظَمِها ، فكيف لا يقدرُ على إعادتِكُم مع صِغَرِ أجسامِكم ؟ !