Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 1-1)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ } ؛ أي عن الغَنَائِم ، { قُلِ ٱلأَنفَالُ } ؛ الغنائمُ ؛ { للَّهِ وَٱلرَّسُولِ } ؛ الإضافةُ للغنائمِ إلى اللهِ على جهة التشريفِ ، والإضافةُ إلى الرسولِ لأنه كان بيانُ حُكمِها وتدبيرِها إليه ؛ لأن الغنائمَ كانت كلُّها لهُ كما قال صلى الله عليه وسلم في وبَرَةٍ أخَذهَا سِنَامَ بَعِيرٍ مِنَ الْفَيْءِ : " وَاللهِ مَا يَحِلُّ لِي مِنْ فَيْئِكُمْ إلاَّ الْخُمْسُ ، وَالْخُمْسُ مَرْدُودٌ فِيكُمْ " . وَقِيْلَ : لِما سألوهُ عن الغنائمِ ؛ لأنَّها كانت حرَاماً على مَن قبلهم ، كما قال عليه السلام : " لَمْ تُحَلَّ الْغَنَائِمُ لِقَوْمٍ سُودِ الرُّؤُوسِ قَبْلَكُمْ ، كَانَتْ تَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُهَا " وإنما سُميت الغنائمُ أنْفَالاً ؛ لأن الأنفالَ جمعُ النَّفْلِ ، والنفلُ الزِّيَادَةُ ، والأنفالُ مما زادَهُ الله هذه الأُمة من الحلالِ ، والنافلةُ من الصَّلاةِ ما زادَ على الفرضِ ، ويقال لولدِ الولد : نافلةٌ ؛ لأنه زيادةٌ على الولدِ . وعن ابنِ عبَّاس في سبب نُزول هذه الآيةِ : ( أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَغَّبَ أصْحَابَهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَقَالَ : " مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً فَلَهُ كَذا ، وَمَنْ جَاءَ بأَسيرٍ فَلَهُ كَذا " فَلَمَّا هَزَمَ اللهُ الْمُشْرِكِينَ سَارَعَ الشَّبَابُ ، وأَقْبَلُواْ بالأُسَارَى ، وَأَقَامَ الشُّيُوخُ عِنْدَ الرَّايَاتِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَخَافَةَ أنْ يَغْتَالَهُ أحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَوَقَعَ الاخْتِلاَفُ بَيْنَهُمْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْغَنِيمَةِ ، فَقَالَ الَّذِينَ ثَبَتُواْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : قِيَامُنَا أفْضَلُ مِنْ ذهَابهِمْ ، فَلَوْ أعْطَيْتَهُمْ مَا وَعَدْتَهُمْ لَمْ يَبْقَ لَنَا وَلاَ لِعَامَّةِ أصْحَابكَ شَيْءٌ . وقَالَ الآخَرُونَ : نَحْنُ قَتَلْنَا وَأَسَرْنَا . وَكَانَ ذلِكَ مُرَاجَعَةً بَيْنَهُمْ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَاكِتٌ لاَ يَقُولُ شَيْئاً ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ ) . ومعناها يسألونَك عن الأنفال لِمَن هي ، ويجوز أن يكون ( عن ) صِلَةً في الكلامِ ، والمعنى يَسألونَكَ الأنفالَ التي وعدتَهم يومَ بدرٍ ، قلِ الأنفالُ للهِ والرسولِ ليس لكم فيها شيءٌ . قال عُبادة بن الصَّامت : ( لَمَّا اخْتَلَفْنَا فِي غَنَائِمِ بَدْرٍ وَسَاءَتْ أخْلاَقُنَا ، نَزَعَهَا اللهُ مِنْ أيْدِينَا وَجَعَلَهَا إلَى رَسُولِهِ وَقَسْمَهَا بَيْنَنَا عَلَى سَوَاءٍ ) . وَقِيْلَ : إنَّ التَّنْفِيلَ المذكورَ في هذه الآيةِ لروايةٍ غَلَطٍ وقعَ من الرَّاوي ؛ لأنه لا يجوزُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم خَلْفُ الوَعْدِ واسترجاعُ ما جعلَهُ لأحدٍ منهم ، والصحيحُ : أنَّهم اختلَفُوا في الغنائمِ من غير تَنْفِيلٍ كان من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } ؛ أي اتَّقُوا مَعاصِيَهُ واحذروا مخالفةَ أمرهِ وأمرَ رسولهِ ، ( وَأصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ ) أي كونوا مُجتَمعين على ما يأمرُكم به اللهُ ورسولهُ ، { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } ؛ في الغنائمِ وغيرِها ، { إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } ، كما تَزعُمون .