Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 27-27)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ؛ نزلَت في أبي لُبَابَةَ بن عبدِ المنذر ، " فإنَّ بني قُريظةَ قالُوا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم : ابْعَثْ لَنَا خَلِيفََةً مِنْ خُلَفَائِكَ نَنْزِلْ عَلَى حُكْمِهِ ، فأبَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أن يَنْزِلُوا إلاَّ على حُكم سعدِ بنْ مُعَاذ ، وكانوا يقولونَ : أرسِلْ إلينا أبَا لُبابة ، وَكَانَ عيالهُ وولدهُ وأهله عندَهم ، فَبَعَثَهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إليهم ، فقالوا : يا أبَا لُبابة أنَنزِلُ على حُكم سعدِ بن معاذ ، فأشارَ بيدهِ إلى حَلْقِهِ ؛ أي إنَّهُ الذبْحُ فَلاَ تَفْعَلُوا ، ولَمْ يتكلَّم بلسانهِ ، فأنزلَ اللهُ هذه الآية ، قال أبو لُبابة : ( فَمَا زَالَتْ قَدَمَايَ مِنْ مَكَانِهِمَا حَتَّى عَلِمْتُ أنِّي خُنْتُ اللهَ وَرَسُولَهُ ) . فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ } كما فَعَلَ أبُو لُبابة . فلما نزلت هذه الآيةُ شدَّ أبُو لُبابَةَ نفسَهُ على سَاريَةٍ من سَوَاري المسجدِ ، وقالَ ( لاَ أذُوقُ طَعَاماً وَلاَ شَرَاباً حَتَّى أمُوتَ ، أوْ يَتُوبَ اللهُ عَلَيَّ ) فمكثَ سبعةَ أيَّام لا يذوقُ فيها طعاماً ولا شَراباً حتى خَرَّ مَغشِيّاً عليهِ ، ثم تَابَ اللهُ عليه ، فجاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فَحَلَّهُ بيدهِ ، فقال أبو لُبابة : ( تَمَامُ تَوْبَتِي أنْ أهْجُرَ دَارَ قَوْمِي الَّتِي أصَبْتُ فِيْهَا الذنْبَ ، وَأنْ أتَخَلَّعَ مِنْ مَالِي ) فَقَالَ صلى الله عليه وسلم : " يُجْزِيكَ الثُّلْثُ أن تَتَصَدَّقَ بهِ " " . وقال ابنُ عبَّاس : ( مَعْنَى الآيَةِ : لا َتَخُونُوا اللهَ بتَرْكِ فَرَائِضِهِ ، وَالرَّسُولَ بتَرْكِ سُنَّتِهِ ) . { وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ } أي ولا تَخُونُوا أمانَاتِكم ، انتصبَ على الظَّرف ؛ أي إنَّكم إن فَعَلْتُم ذلك فإنما خُنْتُمْ أمانَاتِكم عَطفاً . ويقالُ : أرادَ بقولهِ : { لاَ تَخُونُواْ ٱللَّهَ } الخيانَة من الغنائمِ التي هي عطيَّةُ اللهِ ، والخيانةُ للهِ فيها خيانةُ الرسولِ أيضاً ؛ لأنه هو القَيِّمُ بقِسْمَتِها ، وقولهُ : { وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ } يحتملُ الخيانةَ في الغنائمِ أيضاً ؛ لأنَّهم كلُّهم مُشتَركون فيها ، فمَنِ استبدَّ بشيءٍ منها فقد خَانَ ، ويحتملُ الخيانةَ في أثْمَانِ بعضِ الناس بعضاً من حقُوقِ أنفسهم ، وقال الأخفشُ : ( قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَتَخُونُوۤاْ أَمَانَاتِكُمْ } عَطْفًاً عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنَ النَّهْيِ ، تَقْدِيرُهُ : وَلاَ تَخُونُوا أمانَاتِكُمْ ) .