Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 5-6)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { كَمَآ أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِٱلْحَقِّ } ؛ وذلك " أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بَلَغَهُ أنَّ عِيرَ قُريشٍ أقبلَتْ من الشَّام ، وفيهم أبو سُفيان ومَخْرَمَةُ بنُ نَوفَل في أربعينَ رجُلاً من قريش تُجَّاراً ، فقالَ عليه السلام لأصحابهِ : " هَذِهِ عِيْرُ قُرَيْشٍ قَدْ أقْبَلَتْ ، فَاخْرُجُواْ إلَيْهَا ، فَلَعَلَّ اللهَ أنْ يَنْفِلُكُمُوهَا فَتَنْتَفِعُواْ بهَا عَلَى عَدُوِّكُمْ " فيُعِدُّوا على نواضِحِهم ومعهم فارسان لا غيرَ ؛ أحدُهما الزُّبير والآخر المقدادُ ، فخَرجُوا بغيرِ قوَّة ولا سلاحٍ ، وهم ثلاثُمائة وثلاثة عشر رجلاً لا يَرَونَ أنه يكون قتالٌ . فبلغَ ذلك أبو سُفيان ، فأرسلَ من الطريقِ ضَمْضَمَ بنِ عمرٍو الغفاري يخبرُ أهلَ مكَّة أن مُحَمَّداً قد اعترضَ لعِيرِكم فأَدركُوها . فَنَزلَ جبريلُ عليه السلام على رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم فأخبرَهُ بنَفَرِ المشركين يُريدون عِيرَهم ، وقالَ : [ يَا مُحَمَّدُ إنَّ اللهَ يَعِدُكَ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، إمَّا الْعِيرُ وَإمَّا الْعَسْكَرُ ] فأخبرَ بذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسلمينَ فَسُرُّوا بذلكَ وأعجبَهم ، فاستشارَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين عرفَ أنَّهم لا يُخالِفونَهُ ، فقالوا لهُ : ( وَاللهِ لَوْ أَمَرْتَنَا أنْ نَخُوضَ الْبَحْرَ لَخُضْنَاهُ ) ثم أخبرَهم أن في المشركين كَثْرَةً فشُقَّ على بعضِهم وقالوا : ألاَ كُنْتَ أخْبَرْتَنَا أنَّهُ يَكونُ قِتَالٌ ، فَنُخْرِجَ سِلاَحَنا وَقُوَّتَنَا ، إنَّمَا خَرَجْنَا في ثِيَابنَا نُرِيدُ الْعِيْرَ . فَأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ وهم بالرَّوحاءِ . ومعناها : امْضِ على وجهِكَ من الرَّوحَاءِ ( كَمَا أخْرَجَكَ رَبُكَ مِنْ بَيْتِكَ ) أي من المدينة ( بالْحَقِّ ) أي الأمرِ الواجب ، { وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ } ؛ يعني كراهةَ الطبعِ للمشقَّة لا كراهةَ الحقِّ ، وَقِيْلَ معناهُ : { يُجَادِلُونَكَ فِي ٱلْحَقِّ } ؛ متَكَرِّهِينَ له كما أخرجكَ ربُّك من بيتِكَ مع تكرُّهِكَ له ، ومعنى يُجَادِلُونَكَ أي يُخاصِمُونَكَ بقولِهم : هلاَّ أعْلمتَنا القتالَ حتى كنا نستعدَّ له ، { بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ } ؛ أي بعد ما ظهرَ لهم أنكَ لا تصنعُ إلا ما أمرَكَ ربُّك . قَوْلُهُ تعَالَى : { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ } ؛ أي هُم بما عليهم من شدَّة المشقَّةِ لقلَّةِ عددِهم وعُدَّتِهم ، وكثرةِ عدُوِّهم كأنَّما يُسَاقُونَ إلى الموتِ ، { وَهُمْ يَنظُرُونَ } ؛ إلى أسباب الموتِ .