Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 72-73)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } ؛ أي إن الذين آمَنوا بتوحيدِ الله وبمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم والقُرآنِ وهاجَرُوا من مكَّة إلى المدينةِ وجاهَدُوا العدوَّ بأموالِهم وأنفُسِهم في طاعةِ اللهِ . ثُمَّ ذكرَ اللهُ الأنصارَ فقال : { وَٱلَّذِينَ آوَواْ } ؛ النبيَّ والمهاجرين معَهُ أعطَوهُم المأوَى وأنزَلُوهم ديارَهم ، { وَّنَصَرُوۤاْ } ؛ أي أعَانُوهم بالسَّيفِ على الكفَّارِ ، { أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } ؛ أي أنصارُ بعضٍ في الدِّين والمواريثِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ } ؛ أي والذين صدَّقُوا من أهلِ مكَّة في ديارِهم ولَم يُهاجِرُوا إلى المدينةِ ، { مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ } ؛ أي ليس بينَكُم وبينهم ميراثٌ ، { حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ } ؛ وإطلاقُ لفظ الموالاةِ يقتضي التوارثَ في الجملةِ ، وإن كان بعضُ أسباب الموالاة أوكدَ من بعضٍ . قال ابنُ عبَّاس : لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَامَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَأُنَّاسٌ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ؛ قَالُواْ : يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ لاَ يَرِثُنَا إخْوَانُنَا وَهُمْ عَلَى دِينِنَا مِنْ أجْلِ أنَّهُمْ لَمْ يُهَاجِرُوا ؟ فَهَلْ نُعِينُهُمْ عَلَى أمْرٍ إن اسْتَعَانُونَا علَيْه ؟ فَأنْزَلَ اللهُ تَعَالَى : { وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ } . معناهُ : وإن قاتَلَهم الكفارُ ليَردُّوهُم عنِ الإِسلامِ فانصرُوهم ، { إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ } ؛ إلاَّ أن يقاتِلُوا قوماً ، { بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } ؛ فاستنصرُوكم عليهم فلَم تقاتِلُوهم معهم ، بل عليهم أن يكُفُّوا عن طلب النُّصرة منكم لهم عليهم ؛ لأنه أمانٌ ، وأمانُ واحدٍ من المسلمين يلزمُ كافَّتهم ، فيجبُ الإصلاحُ بينهم على غيرِ وجه القتال . وقولهُ تعالى : { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } ، أي بصيرٌ بأعمالِكم ، يجازِيكم عليها . قال ابنُ عبَّاس : فَمَكَثُواْ عَلَى هَذا مَا شَاءَ اللهُ إنْ يَمْكُثُواْ ، ثُمَّ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } ؛ أيْ أنْصَارُ بَعْضٍ فِي الدِّينِ ، وَبَعْضُهُمْ أوْلِيَاءُ بَعْضٍ فِي الْمِيرَاثِ . يعنِي أنَّ الكافرَ لا يرثُ المؤمنَ الذي لم يهاجِرْ ، بلِ الكافرُ يرثُ من الكافرِ ، والمؤمنُ يرِثُ المؤمنِ ، فصارت هذه الآيةُ ناسخةً للتي قبلَها . قَوْلُهُ تَعَالَى : { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } أي إلاَّ تفعلُوا ما أمَرتُكم به ولم تُورِثُّوا الأعرابيَّ الذي لَمْ يهاجِرْ من المهاجرِ ، ولم تجعلُوا ولايةَ الكافرِ للكافر وولايةَ المؤمن للمؤمنِ ، { تَكُنْ فِتْنَةٌ } أي بالْمَيْلِ إلى الضَّلالةِ وفسادٍ في الدِّين ، فإن الكفارَ بعضُهم أولياء بعضٍ .