Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 80, Ayat: 11-14)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { كَلاَّ } ؛ أي حاشَا أن تَعودَ إلى مثلِ ذلك ، لا تعُدْ إليه ولا تفعَلْ مثَلهُ ، والمعنى : أنَّ ( كَلاَّ ) ها هنا كلمةُ رَدْعٍ وزَجرٍ ، أو كلاَّ لا تفعَلْ بعدَها مِثْلَها . وقوله تعالى : { إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } ؛ أي إنَّ هذه الآياتِ التي أنزلها اللهُ عليكَ موعظةٌ يتَّعِظُّ بها عبادُ الله تعالى ، { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } ؛ أي مَن شاءَ ألْهَمَهُ وفهَّمَهُ القرآنَ حتى يذكُرَهُ ويتَّعِظَ به . " وهذا كلُّه تأْديبٌ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وتبين أنَّ المحافظةَ على الإقبالِ على المؤمنين أولى من الحرصِ على منَ هو كافرٌ رجاءَ أن يترُكَ . فَلَمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَاتُ أكْرَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ وَألْطَفَهُ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ مَرَّتَيْنِ فِي غَزْوَتَيْنِ غَزَاهُمَا لِيُصَلِّيَ بالنَّاسِ ، وَكَانَ صلى الله عليه وسلم إذا رَآهُ يَقُولُ : " مَرْحَباً بمَنْ عَاتَبَنِي فِيْهِ رَبي ، هَلْ لَكَ مِنْ حَاجَةٍ ؟ " " . ولا يمتنعُ أن يكون إعراضُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن ابنِ أُم مكتوم لأنه كان يريدُ أن يعلِّمَ الناسَ طريقةَ حفظِ الأدب في تعلُّمِ العلمِ . وقولهُ تعالى { فَمَن شَآءَ ذَكَرَهُ } أي فمَن شاءَ ذكرَ ما أُنزل من الآياتِ ، ويقالُ : من شاءَ اللهُ له أنْ يتَّعِظَ اتَّعَظَ . ثم أخبرَ اللهُ تعالى بجَلالَةِ القرآنِ في اللَّوحِ المحفوظِ عندَهُ فقالَ تعالى : { فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ } ؛ أي في كُتُبٍ مُعَظَّمَةٍ بما تضمَّنت من الحكمةِ ، { مَّرْفُوعَةٍ } ؛ القَدْر في السَّماوات ، { مُّطَهَّرَةٍ } ؛ أي منَزَّهة من الدَّنَسِ ومن التناقُضِ والاختلافِ كما قال تعالى في آيةٍ أُخرى { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ } [ فصلت : 42 ] . والصُّحُفُ : جمعُ الصَّحيفةِ : وَقِيْلَ : يعني بقولهِ { فَي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ } اللوحَ المحفوظَ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَّرْفُوعَةٍ } يعني في السَّماء السابعةِ وقولهُ تعالى : { مُّطَهَّرَةٍ } أي لا يَمَسُّها إلاّ المطهرون ، وهم الملائكة .