Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 82, Ayat: 6-8)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ؛ الخطابُ في هذه الآيةِ للكفَّار ، والمرادُ بالإنسانِ كلدَةَ بنَ أُسَيدٍ ، ويقالُ : الخطابُ للكفَّار والعاصين ، يقال له يومئذٍ : بمَ اغتَرَرْتَ وتشاغَلت عن طاعةِ الله وطلب مَرضاتهِ وهو الكريْمُ الصَّفُوحُ عن العبادِ ، { ٱلَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ } ؛ خلقَكَ في بطنِ أُمِّك باليدينِ والرِّجلَين وسائرِ الأعضاء لم يخلُقها متفاوتةً ، ولو كان خلقُ إحدى رجلَيك أطولَ من الأُخرى لم تكمُلْ منفعتُكَ . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم : " أنَّهُ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ فَقَالَ : { يٰأَيُّهَا ٱلإِنسَٰنُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ؟ فَقَالَ : " جَهْلُهُ يَا رَبّ " وقال قتادةُ : ( ( غَرَّ الإنْسَانَ عَدُّوُّهُ الْمُسَلَّطُ عَلَيْهِ ) ) . قيل للفُضَيلِ بن عِيَاضٍ : لَوْ أقَامَكَ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } مَا كُنْتَ تَقُولُ ؟ فَقَالَ : ( ( أقُولُ : غُرَّنِي سُتُورُكَ الْمُرْخَاةُ ) ) . وقال مقاتلُ : ( ( غَرَّهُ عَفْوُ اللهِ حِينَ لَمْ يُعَجِّلْ عَلَيْهِ بالْعُقُوبَةِ ) ) . وقال السديُّ : ( ( غَرَّهُ رفْقُ اللهِ بهِ ) ) ، وقال يحيَى بنُ معاذٍ : ( ( لَوْ أقَامَنِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ : مَا غَرَّكَ بي ؟ لَقُلْتُ : غَرَّنِي بكَ رفْقُكَ بي سَالِفًا وَآنفاً ) ) . قال أهلُ الإشارة : إنَّما قالَ { بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } دون سائرِ صِفاته ، كأنَّهُ لَقَّنَهُ الإجابةَ حتَّى يقولَ : غَرَّنِي كَرَمُ الْكَرِيمِ . وعن ابنِ مسعودٍ قال : ( ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ إلاَّ سَيُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ؟ يَا ابْنَ آدَمَ مَاذا عَمِلْتَ ؟ فِيمَا عَلِمْتَ ؟ مَاذا أجَبْتَ الْمُرْسَلِينَ ؟ ) ) . وقال أبو بكرٍ الورَّاق : ( ( لَوْ قَالَ لِي : { مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ ٱلْكَرِيمِ } ؟ لَقُلْتُ : غَرَّنِي كَرَمُ الْكَرِيمِ ) ) . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَعَدَلَكَ } ؛ قرأ أهلُ الكوفة بتخفيفِ الدال ؛ أي صرَفَك إلى أيِّ صُورَةٍ شاءَ من الْحُسنِ والقُبحِ والطولِ والقِصَرِ ، وقرأ الباقون بالتشديدِ ؛ أي قوَّمَ خَلْقَكَ ، معتدلُ الخلق معتدلُ القامةِ في أحسنِ صُورةٍ ، كما في قولهِ تعالى { فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ التين : 4 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فِيۤ أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَآءَ رَكَّبَكَ } أي في شَبَهِ أبٍ أو أُمٍّ أو خالٍ أو عمٍّ .