Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 85, Ayat: 4-4)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذا جوابُ القسَمِ ، تقديرهُ : لقد قُتِلَ أصحابُ الأخدودِ ، والمعنى : قتلَتهُم النارُ . والأُخْدُودُ : شَقُّ يُشَقُّ في الأرضِ ، جمعُها أخَادِيدُ . ويجوز أنْ يكون معنى ( قُتِلَ ) : لُعِنَ على الدُّعاء عليهم . وقصَّة ذلك ما رُوي : أنَّ رَجُلاً مِنَ النَّصَارَى كَانَ أجَّرَ نَفْسَهُ مِنْ يَهُودِيٍّ لِيَعْمَلَ لَهُ عَمَلاً ، فَرَأتِ ابْنَةُ الْمُسْتَأْجِرِ النُّورَ فِي الْبَيْتِ لِقِرَاءَةِ الأَجِيرِ الإنْجِيلَ ، فَذكَرَتْ ذلِكَ لأَبيهَا فَرَمَقَهُ حَتَّى رَآهُ ، فَسَأَلَهُ عَنْ ذلِكَ فَلَمْ يُجِبْهُ ، فَلَمْ يَزَلْ بهِ حَتَّى أخْبَرَهُ أنَّهُ عَلَى دِينِ عِيسَى ، وَكَانَ ذلِكَ قَبْلَ مَبْعَثِ نَبيِّنَا صلى الله عليه وسلم ، فَتَابَعَهُ هُوَ وَسَبْعَةٌ وَثَمَانُونَ إنْسَاناً مِنْ بَيْنِ رَجُلٍ وَامْرَأةٍ . فَأَخْبَرَ مَلِكَ الْيَهُودِ وَاسْمُهُ يُوسُفُ بْنُ ذِي نُؤَاسٍ الْحِمْيَرِيِّ ، فَخَدَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَأوْقَدَ فِيْهِ النَّارَ ، وَطَرَحَ فِيهِ النِّفْطَ وَالْقَصَبَ والْقَطِرَانَ ، وَعَرَضَهُمْ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ ، فَمَنْ أبَى مِنْهُمْ أنْ يَتَهَوَّدَ دَفَعَهُ فِي النَّار ، وَمَنْ رَجَعَ عَنْ دِينِ عِيسَى تَرَكَهُ . وَكَانَ فِي آخِرِهُمْ امْرَأةٌ مَعَهَا صَبيٌّ رَضِيعٌ ، فَلَمَّا رَأتِ النَّارَ صَدَّتْ ، فَقَالَ لَهَا الصَّبيُّ : يَا أُمَّاهُ قِفِي فَمَا هِيَ إلاَّ غُمَيْضَةٌ ، فَصَبَرَتْ فَأُلْقِيَتْ فِي النَّار ، وَارْتَفَعَتِ النَّارُ أرْبَعِينَ ذِرَاعاً ، فَأَحْرَقَتِ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانوُا حَوْلَ الأُخْدُودِ . قال ابنُ عبَّاس : ( كَانُوا يَطْرَحُونَهُمْ فِي النَّار ، فَمَنْ أبَى مِنْهُمْ ضَرَبُوهُ بالسِّيَاطِ حَتَّى ألْقَوْهُمْ جَمِيعاً فِي النَّار ، فَأَدْخَلَ اللهُ أرْوَاحَهُمُ الْجَنَّةَ قَبْلَ أنْ تَصِلَ أجْسَامُهُمْ إلَى النَّار ) . وعن وهب بن منبه ، ( أن رجُلاً كان على دينِ عيسى ، فوقعَ في نجرانَ فدعاهُم فأجابوهُ ، فسارَ إليه ذو نُؤَاسٍ اليهوديِّ بجنُودهِ من حِميَرَ ، وخيَّرهم بين النار واليهوديَّة ، فخدَّ لهم الأخَادِيدَ وحرَّقَ اثنى عشرَ ألفاً ) . وقال الكلبيُّ : ( كَانَ أصْحَابُ الأُخْدُودِ سَبْعِينَ ألْفاً ) . ورُوي : أن اليهودَ لَمَّا ألقوا مَن كان على دينِ عيسى ، كان معهم امرأةٌ معَها ثلاثةُ أولادٍ أحدُهم رضيعٌ ، فقالَ لها الملِكُ : ارجعِي عن دينكِ وإلاَّ ألقيتُكِ وأولادَكِ في النار . فأَبَتْ . فأخذ ابنَها الأكبرَ فألقاهُ في النار ، ثم قالَ لها : ارجعِي عن دينكِ ، فَأَبتْ . فأخذ ابنَها الثانِي فألقاهُ في النار ، ثم قالَ لها : ارجعِي عن دينكِ ، وأخذ الطفلَ منها ليُلقيَهُ في النار ، فهمَّتْ بالرُّجوع عن دينِها ، فقال لها الطفلُ : يا أماهُ لا ترجعِي عن الإسلامِ واصبرِي فإنَّكِ على الحقِّ ، فأُلقِيَ الطفلُ وأُمُّه في النار ، فذلك قَوْلُهُ تَعَالَى : { قُتِلَ أَصْحَابُ ٱلأُخْدُودِ } الأخدودُ : هي الْحُفَرُ المشقوقةُ في الأرضِ مستطيلةٌ وجمعها أخَادِيدُ ، يقال : خَدَدْتُ في الأرضِ ؛ أي شققتُ فيها حفرةً طويلة ، وعن عطيَّة قال : ( خَرَجَتْ عُنُقٌ مِنَ النَّار فَأَحْرَقَتِ الْكُفَّارَ عَنْ آخِرِهِمْ ) .