Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 34-34)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قَوْلُهُ تَعَالَى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } ؛ معناهُ : يا أيُّها الذين آمَنُوا بمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم والقرآن إنَّ كَثيراً من الأحبار وهم من ولدِ هارُون ، قوله : { وَٱلرُّهْبَانِ } وهم أصحابُ الصَّوامعِ وهم دونَ الأحبارِ في العلم ، قَوْلُهُ تَعَالَى : { لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ } أرادُوا به أخذَ الرِّشَا على الحُكمِ ، وما كان لَهم مِنَ الهدايا من سَفَلَتِهِم على كِتْمَانِ بَعْثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصفتهِ ، هكذا رُوي عن ابنِ عبَّاس ، وقال السديُّ : ( الأَحْبَارُ عُلَمَاءُ الْيَهُودِ ، وَالرُّهْبَانُ أصْحَابُ الصَّوَامِعِ مِنَ النَّصَارَى ) . وأما تخصيصُ الأكلِ في الآية ، فلأنَّ مُعظَمَ المقصودِ من التَّمليكِ الأكلُ ، فوُضِعَ الأكلُ موضعَ الْمِلْكِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } ؛ أي يَصرِفُونَ الناسَ عن دينِ اللهِ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } ؛ أي يجمَعونَها ويضَعون بعضها فوقَ بعضٍ ؛ ولا يُنفِقُونَ الكُنُوزَ في طاعةِ الله . وَقِيْلَ : معناهُ : ولا يُنفِقُونَ الفضَّة ، وحذفَ الذهبَ ؛ لأن فِي بيانِ أحدِهما حكمُ الآخر ، كما قالَ تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } [ الجمعة : 11 ] ، والدليلُ على أنَّ هذه الكنايةَ راجعةٌ إلى الذهب والفضَّة جميعاً أنَّها لو رَجعت إلى أحدِهما لبَقِِيَ الآخرُ عَارِياً عن الجواب ، فيصيرُ كلاماً مُنقطعاً لا معنى له ، وتقديرُ الآيةِ : لاَ يُنفقون منها ؛ أي لا يُؤَدُّونَ زَكاتَهما ولا يُخرِجُونَ حقَّ الله منهما ، إلاَّ أنه حذفَ ( مِنْ ) وأرادَ إثباتَها ، بدليلِ أنه تعالى قال في آيةٍ أخرى { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً } [ التوبة : 103 ] قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : " فِي مِائَتَي دِرْهَمٍ خَمْسُ دَرَاهِمَ ، وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالاً مِنَ الذَّهَب نِصْفُ مِثْقَالٍ " ولو كان الواجبُ إنفاق جميعِ المال لم يكن لِهذا التقديرِ وجهٌ . وسُمِّي الذهبُ ذَهباً ؛ لأنه يذهبُ ولا يبقَى ، وسميت فضةُ لأنَّها تَنْفَضُّ ؛ أي تُفرَّقُ ولا تبقَى ، وحسبُكَ باسمِهنَّ دلالةً على فَنَائِهما وأنه لا بقاءَ لهما . وقولهُ تعالى : { فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي ضَعِ الوعيدَ لهم بالعذاب موضعَ بشارةِ بالنِّعم لغيرِهم ؛ وعن ابنِ عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنه قالَ : ( كُلُّ مَالٍ أدَّيْتَ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بكَنْزٍ وَإنْ كَانَتْ تَحْتَ سَبْعِ أرْضِينَ ، وَكُلُّ مَالٍ لَمْ تُؤَدِّ زَكَاتَهُ فَهُوَ كَنْزٌ وَإنْ كَانَ ظَاهِراً ) .