Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 79-79)
Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قَوْلُهُ تَعَالَى : { ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ } ؛ قال ابنُ عبَّاس : " وَذلِكَ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ ذاتَ يَوْمٍ حِينَ أرَادَ الْخُرُوجَ إلَى غَزْوَةِ َتَبُوكٍ يَحُثُّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ ، وَقَالَ : " اجْمَعُوا صَدَقَاتِكُمْ " فَجَاءَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رضي الله عنه بأَرْبَعَةِ آلاَفِ دِرْهَمٍ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : " أكْثَرْتَ ! هَلْ تَرَكْتَ لأَهْلِكَ شَيْئاً ؟ " قَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ كَانَ لِي ثَمَانِيةُ آلاَفٍ ، فَأَمْسَكْتُ أرْبَعَةً لِنَفْسِي وَعِيَالِي وَهَذِهِ أرْبَعَةُ آلاَفٍ لأُقْرِضَهَا رَبي ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم " بَارَكَ اللهُ لكَ فِيمَا أمْسَكْتَ وَفِيمَا أعْطَيْتَ " فَبَارَكَ لَهُ حَتَّى بَلَغَ مَالَهُ حِينَ مَاتَ " ، وَطَلَّقَ إحْدَى نِسَائِهِ فِي مَرَضِهِ وَصَالَحُوهَا عَنْ رُبُعِ ثَمَنِهَا عَلَى ثَمَانِينَ ألْفاً . وَبَعْدَهُ جَاءَ عُمَرُ رضي الله عنه بنَحْوٍ مِنْ ذلِكَ ، وَجَاءَ عُثْمَانُ رضي الله عنه وَصَدَقَتُهُ ، وَجَاء عَاصِمُ ابْنُ عَدِيٍّ الأَنْصَارِيُّ بسَبْعَينَ وسْقٍ مِنْ تَمْرٍ ، وَجَاءَ أبُو عَقِيلٍ بصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ لَيْلَتِي كُلُّهَا أجُرُّ بالْحَرِيرِ حَتَّى أصَبْتَ ثُلُثَ صَاعَيْنِ ، أمَّا أحَدُهُمَا فأَمْسَكْتُهُ لِعِيَالِي ، وَأمَّا الآخَرُ فَأُقْرِضُهُ رَبي ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنْ يَشُدَّهُ فِي الصَّدَقَةِ . فَطَعَنَ فِيهِمْ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُواْ : وَاللهِ مَا جَاءَ هَؤُلاءِ بصَدَقَاتِهِمْ إلاَّ ريَاءً وَسُمْعَةً ، وقَالُوا فِي أبي عَقِيلٍ : إنَّهُ جَاءَ لِيُذكِّرَ بنَفْسِهِ وَيُعطَى مِنَ الصَّدَقَةِ أكْثَرَ مِمَّا جَاءَ بهِ ، وَإنَّ اللهَ أغْنَى عنْ صَاعِ أبي عَقِيلٍ ، فأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَة . ومعنَاها : الذين يُعِيبُونَ الْمُطَّوِّعِينَ من المؤمنين في الصَّدقاتِ وهم المنافقون عَابُوا عمرَ وعثمانَ وعبدَالرحمن بن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ } أي ويُعيبون على الذين لا يَجِدون إلاَّ جُهدَهم ؛ أي طاقَتَهم من الصَّدقاتِ ، عابُوا الْمُكْثِرَ بالرِّياءِ ، والْمُقِلَّ بالإِقْلالِ . والْجُهْدُ بالضمِّ والنصب لُغتان بمعنى واحد ، ويقالُ : الْجَهْدُ بالنصب المشقَّة ، والْجُهْدُ بالضمِّ الطاقةُ ، وَقِيْلَ : الْجَهدُ بالعملِ والْجُهد في القوَّةِ ، قرأ عطاءُ والأعرج ( جَهْدَهُمْ ) وهما لُغتان مثل الوُجْدِ والوَجدِ ، فالضمُّ لغةُ أهلِ الحجاز ، والفتح لغة أهلُ نَجْدٍ . قَوْلُهُ تَعَالَى : { فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ } ؛ أي يستهزؤن بهم ، { سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ } ؛ أي يُجازيهم جزاءَ سخرتِهم ؛ { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، أي وجيعٌ .