Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 97, Ayat: 2-3)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-karīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قولهُ تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } ؛ تعجُّبٌ وتعظيمٌ لحرمَتها ؛ أي ما أعلمكَ يا مُحَمَّدُ ما شرفُ هذه الليلةِ لولا أنَّ اللهَ أعلمَكَ بذلك ، { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } ؛ أي العملُ فيها خيرٌ من العملِ في ألفِ شهر ، وعلى هذا قالُوا : إنَّ مَنْ صلَّى فيها رَكعتين كان له ثوابُ من صلَّى ليالي ألفَ شهرٍ ركعَتين ، بل ثوابُ هاتَين الركعتين أكثرُ من ثواب تلك الصلاةِ كلِّها . وسببُ نزول هذه السورة : " أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ذكرَ يوماً لأصحابهِ : " أنَّ أرْبَعَةً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ وَهُمْ : أيُّوبُ وَزَكَرِيَّا وحِزْقِيلُ ويُوشُعُ بْنُ نُونٍ عَبَدُوا اللهَ ثَمَانِينَ سَنَةً لَمْ يَعْصُوهُ فِيهَا طَرْفَةَ عَيْنٍ " ، فتعجَّبَ أصحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم من ذلك ، فأتَى جبريلُ فقالَ له : عجِبَتْ أُمَّتُكَ من عبادةِ هؤلاء النَّفر ثمانين سَنة لم يعصُوا اللهَ فيها طرفةَ عينٍ ، فقد أنزلَ الله عليكَ خيراً منه ، ثم قرأ { إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ … } إلى آخرِها ، وقالَ : هذا أفضلُ مما عجِبتَ منه أنتَ وأُمَّتك ، فسُرَّتِ الصحابةُ بذلك " . ورُوي : " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذكَرَ رَجُلاً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ حَمَلَ السِّلاَحَ عَلَى عَاتقهِ في سبيلِ الله ألفَ شهرٍ ، فعجبَ المسلمون من ذلك عَجباً شَديداً ، وتَمنَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ يكون مثلُهُ في أُمَّته ، فأعطاهُ الله ليلةَ القدر . واختلَفُوا في وقتِها ؛ فقال بعضُهم : كانتْ على عهدِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رُفعت ، والصحيحُ : أنَّها لم تُرفع وأنَّها إلى يومِ القيامة ، لِمَا رُوي عنِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قِيْلَ : لَهُ : هَلْ رُفِعَتْ لَيْلَةُ الْقَدْر ؟ فَقَالَ : " بَلْ هِيَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " عن عبدِالله بن حسن قالَ : قلتُ لأبي هريرةَ رضي الله عنه : زعَمُوا أنَّ ليلةَ القدر قد رُفعت ، قال : ( ( كَذبَ مَنْ قَالَ ) ) قُلْتُ : أهيَ كلَّ شهرِ رمضان ؟ قال : ( ( نَعَمْ ) ) . وقال بعضُهم : هي في ليالِي السَّنة كلِّها ، وأنَّ مَن علَّقَ طلاقَ امرأتهِ أو عتقَ عبدهِ بليلة القدر لم يقع شيءٌ من ذلك إلى مُضي سَنة من يومِ حلفهِ . والجمهورُ من العلماءِ : أنَّها في شهرِ رمضان في كلِّ عامٍ . وسُئل الحسنُ عن ليلةِ القدر فقالَ : ( ( وَاللهِ الَّذِي لاَ إلَهَ إلاَّ هُوَ ؛ إنَّهَا فِي كُلِّ رَمَََضَانَ ) ) . واختلَفُوا في أيِّ ليلةٍ هي ، فقال أبو رَزين العُقَيلي : ( ( هِيَ أوَّلُ لَيْلَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ) ) ، وقالَ الحسنُ : ( ( هِيَ ليْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي كَانَتْ صَبيحَةَ وَقْعَةِ بَدْرٍ ) ) . والصحيحُ : أنَّها في العشرِ الأواخر من رَمضان ، وقال أبو سعيدٍ الخدري : ( ( هِيَ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ ) ) ، وعن أُبَيِّ بن كعبٍ قالَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ : " تَحَرَّواْ لَيْلَةَ الْقَدْر مِنْ كُلِّ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ " . ورُوي أن عمرَ قال لابنِ عبَّاس : ( ( أخْبرْنِي برَأيكَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر . فقَالَ : إنَّ اللهَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ ، السَّمَاوَاتُ سَبْعٌ ؛ وَالأَرْضُونَ سَبْعٌ ؛ وَالطَّوَافُ سَبْعٌ ؛ وَالرَّمْيُ لِلْجِمَار سَبْعٌ ، فَلاَ أرَاهَا إلاَّ فِي سَبْعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ ) ) . قال : ( ( وَعَدَدُ حُرُوفِ سُورَةِ الْقَدْر إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى { سَلاَمٌ } هِيَ سَبْعٌ وَعُشْرُونَ ، فَيَجِبُ أنْ تَكُونَ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعَشْرِينَ ) ) ، وأرادَ بالحرفِ الكلمةَ ، فقالَ له عمرُ : ( ( وَافَقَ رَأيي رَأيَكَ . ثم ضربَ على منكبهِ فقالَ : مَا أنْتَ بأَقَلِّ الْقَوْمِ عِلْماً ) ) . وعن ابنِ عُمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ : " قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ليلةِ القدر : " مَنْ كَانَ مُتَحَرِّياً فَلْيَتَحَرَّهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ " وعن أُبَي بن كعبٍ قالَ : " سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بأُذْنَيَّ وإلاَّ فصُمَّتَا : " أنَّ لَيْلَةَ الْقَدْر سَبْعٌ وَعِشْرِينَ " " . وقال أبو بكرٍ الورَّاق : ( ( إنَّهُ قَسَّمَ كَلِمَات هَذِهِ السُّورَةِ عَلَى عَدَدِ لَيَالِي رَمَضَانَ ، فَلَمَّا بَلَغَ إلَى السَّابعَةَ وَالْعِشْرِينَ أشَارَ إلَيْهَا فَقَالَ : هِيَ ) ) . وقال بعضُهم : هي ليلةُ إحْدَى وعشرين . وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قالَ : " لَيْلَةُ الْقَدْر لَيْلَةُ السَّابعِ وَالْعِشْرِينَ أو التَّاسِعِ وَالْعِشْرِينَ ، وَأنَّ الْمَلاَئِكَةَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ بعَدَدِ الْحَصَى " وعن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم : " فِي اللَّيْلَةِ مِنْ عَلامَتِهَا أنَّهَا لَيْلَةٌ سَمِحَةٌ لاَ حَارَّةٌ وَلاَ بَاردَةٌ ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبيحَتَهَا لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ " . وقال بعضُهم : إنَّ من علامتِها أنَّ ماءَ البحرِ فيها يكون عَذباً سَلِساً ! " وعن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا أدْرَكْتُ لَيْلَةَ الْقَدْر فَمَا أقُولُ ؟ قَالَ : " قُولِي : اللَّهُمَّ إنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفُوَ فَاعْفُ عَنِّي " " .