Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 1, Ayat: 5-5)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اختلف النحويون في " إياك وإياه وإياي " ؛ فللبصريين فيها قولان : - أحدهما : أن " إيا " اسم مضمر أضيف إلى ما بعده للبيان لا للتعريف . ولا يعرف في كلام العرب اسم مضمر مضاف إلى ما بعده غير هذا . وحكى الخليل عن العرب : " إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشواب " . فأضاف " إيا " إلى الشواب للبيان . - والقول الثاني : مروي عن المبرد قال : " إن " إيا " اسم مبهم أضيف للتخصيص لا للتعريف ، ولا يعرف في كلام العرب اسم مبهم أضيف إلى ما بعده غير هذا " . وللكوفيين في هذا أيضاً ثلاثة أقوال . - حكى ابن كيسان وغيره . عنهم أن " إياك " بكماله اسم مضمر ، ولا يعرف اسم مضمر يتغير آخره غيره ، فتقول : " إياه وإياك وإياي " . - والقول الثاني : إن الكاف والهاء والياء ، هن الاسم المضمر في " إياك وإياه وإياي " ، لكنه اسم لا يقوم بنفسه ولا ينفرد ولا يكون إلا متصلاً بما قبله من الأفعال ، فلما تقدم على الفعل لم يقم بنفسه فجعل " إيا " عماداً له ليتصل به ، ولو أخرت لا تصل المضمر بالفعل واستغنيت عن " إيا " فقلت : " نعبده " و " نعبدك " . وهو اختيار ابن كيسان . - والقول الثالث : حكاه أيضاً ابن كيسان ؛ وهو أن " إيا " اسم مبهم يكنى به / عن المنصوب وزيدت إليه الكاف والهاء والياء في : إياك وإياه وإياي " . " ليعلم المخاطب / من الغائب من المُخْبِر عن نفسه ولا موضع للكاف والهاء والياء من الإعراب ، فهي كالكاف في " ذلك " وأرأيتك زيداً ما صنع " . ذكر معنى جميع ذلك ابن كيسان في كتابه في تفسير القرآن وإعرابه ومعانيه . والعبادة في اللغة التذلل بالطاعة والخضوع . فمعنى { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } : نذل لك ونخضع بالعبادة لك ونستعين بك على ذلك . وإنما قدم { نَعْبُدُ } على { نَسْتَعِينُ } وقد علم أن الاستعانة قبل العبادة ، والعمل لا يقوم إلا بعون الله ، لأن العبادة لا سبيل إليها إلا بالمعونة ، والمعان على العبادة لا يكون إلا عابداً . فكل واحد مرتبط بالآخر : لا عمل إلا بمعونة ولا معونة إلا تتبعها عبادة ، فلم يكن أحدهما أولى بالتقديم من الآخر ، وأيضاً فإن الواو لا توجب ترتيباً عند أكثر النحويين . وأما علة تكرير { إِيَّاكَ } فمن أجل اختلاف الفعلين إذ أحدهما عبادة والآخر استعانة . / وقيل : كرر للتأكيد كما تقول : " المال بين زيد وعمرو ، بين زيد وبين عمرو " ، فتعيد " بين " للتأكيد . قوله : { نَسْتَعِينُ } . أصله " نَسْتَعْوِنُ " على وزن " نَسْتَفْعِلُ " من العون . والمصدر منه استعانة ، وأصله استعواناً ، فقلبت حركة الواو على العين ، فلما انفتح ما قبل الواو - وهي في نية حركة - انقلبت ألفاً ، فالتقى ألفان ، فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين . فقيل : المحذوفة الثانية لأنها زائدة ، والأولى أصلية . وقيل : بل المحذوفة الأولى لأن الثانية تدل على معنى ولزمته الهاء عوضاً من الألف المحذوفة . والنون الأولى في { نَسْتَعِينُ } يجوز فيها الكسر لغة مشهورة وكذلك التاء والهمزة في قولك : " أنْتَ تَسْتَعِين وأنا أسْتَعينُ " . وإنما ذلك في كل فعل سمي فاعله فيه زوائد أو مما يأتي من الثلاثي على " فَعِلَ ، يَفْعَلُ " بفتح العين في المستقبل ، وكسرها في الماضي نحو : " أنت تعلم وأنا أعلم " .