Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 87-89)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا } إلى قوله - { ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } . المعنى : / " اتخذا لقومكما بمصر بيوتاً " { وَٱجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً } : أي : " مساجد تصلون فيها " ، لأنهم كانوا يَفْرَقون من فرعون ، وقومه أن يصلوا . فقال لهم : اجعلوا بيوتكم مساجد حتى تصلوا فيها . قال النخعي : خافوا ، فأُمروا أن يصلوا في بيوتهم . ( وعن ابن عباس ، قال مجاهد : كانوا لا يصلون إلا في البيع خائفين ، فأُمروا أن يصلوا في بيوتهم ) . وعن ابن عباس : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) : يعني : قِبَل الكعبة . وقيل : كان فرعون أمر بهدم الكنائس ، فأمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد ، يصلون فيها سِرّاً . قال مجاهد : مِصْرُ هنا الإسكندرية . وقال ابن جبير : المعنى : واجعلوا بيوتكم يقابل بعضها بعضاً . { وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } ، أي : بحدودها . { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } : هذا ( خطاب ) للنبي صلى الله عليه وسلم ، أي : وبشر مُقيمي الصلاة بالثواب الجزيل . ثم قال تعالى حكاية عن قول موسى أنه قال : { رَبَّنَآ إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً } ، { رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } : المعنى : إنه لما آل أمرهم إلى هذا كان كأنه إنما أتاهم ذلك للضلال . وأصل هذا اللام لام كي ، وقيل هي لام العاقبة . وقيل : هي لام الفاء ، أي : فكان لهم ذلك ، لأنه قد تقدم في علمه تعالى ذلك . وقيل : المعنى : لئلا يضِلُّوا وحذفت " لا " كما قال : { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [ النساء : 176 ] . وهذا القول لا يحسن ، لأن العرب لا تحذف لا إلا مع " أن " . ومعنى الآية : أن موسى قال : يا رب إنك أعطيت فرعون ، وعظماء قومه ، وأشرافهم ( زينة ) : يعني من متاع الدنيا وأثاثها ( وأموالاً ) يعني من الذهب والفضة . { رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ } ، أي : أعطيتهم ذلك ليضلوا ، ثم دعا عليهم موسى ، فقال : { رَبَّنَا ٱطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ } ، أي : اذهبها ، وغيرها ، واجعلها حجارة . قال مجاهد : " اجعل سكرهم حجارة " . قال قتادة : جعل زرعهم حجارة . قال مقاتل : جُعلت دنانيرهم ، ودراهيمهم حجارة منقوشة ، كهيئتها على ألوانها ، لتذوب ، ولا تلين ، فجعل الله سكرهم حجارة . قال قتادة : تحول زرعهم ، وكذلك قال الضحاك . وقال ابن عباس : ( اطمس عليها : أي : دمِّرها ، وأهلِكْهَا . وكذلك قال مجاهد . واشدد على قلوبهم ) : أي : حتى لا تنشرح للإيمان ، فلا تؤمن . وقال مجاهد : اشدد عليها بالضلالة . قال ابن عباس : استجاب الله عز وجل من موسى ، فحال بين فرعون وملئه ، وبين الإيمان حتى أدركه الغَرق ، فلم ينفعه الإيمان . والعذاب الأليم في هذه الآية : الغرق . قوله : { فَلاَ يُؤْمِنُواْ } قال المبرد : موضعه موضع نصب ، وليس بدعاء . وهو معطوف على " ليضلوا " وهو قول الزجاج . وقال الكسائي ، وأبو عبيدة : هو دعاء في موضع جزم . وقال الأخفش ، والفراء : هو جواب الدعاء في موضع نصب ، مثل : إلى سليمان فَنستريحا - البيتَ - . فقال تعالى لهما : { قَدْ أُجِيبَتْ دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا } : هذا خطاب لموسى ، وهارون ، لأن موسى كان يدعو ، / وهارون يؤمن . وقيل : إنَّه خِطَابُ موسى ، خطاب الاثنين لغة العرب . وقوله : { دَّعْوَتُكُمَا فَٱسْتَقِيمَا } : يدل على أن ذلك لموسى وهارون عليهما السلام : فالداعي موسى ، والمؤمن هارون ، والمؤمن داع أيضاً ، لأنه يقول : اللهمَّ استجب فهو داع بإجابة الدعاء الذي دعا موسى . وكان بين الإجابة ودعاء موسى أربعون سنة . وقوله : { وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ } من خفف " النون " فهو على النفي ، لا على النهي . والرواية عن ابن ذكوان بالتخفيف : يزيد عند القُرَّاء تخفيف التاء ، وهو وجه الرواية . غير أنا لم نقرأ إلا بتخفيف النون دون التاء . ومعنى : { فَٱسْتَقِيمَا } أي : اثبتا على دعاء فرعون ، وقومه إلى الإيمان . قال ابن جريج : مكث فرعون بعد هذه الآية أربعين سنة . ومعنى : { وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } : أي : يجهلون حقيقة وعيد الله ( عز وجل ) .