Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 100, Ayat: 1-11)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } إلى آخر السورة . قال ابن عباس ومجاهد : هي الخيل تعدو وهي [ تحمعهم ] . وقال علي بن أبي طالب عليه السلام : هي الإبل تغدو من عرفة إلى المزدلفة ومن مزدلفة إلى منى . وقال محمد بن كعب القرظي : " العاديات ضبحاً " : الدفع من عرفة ، { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } إلى المزدلفة ، { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } تغير حين تصبح ، { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } هي يوم منى . [ وممن ] قال هي الإبل أيضاً : ابن مسعود وإبراهيم وعبيد بن [ عمير ] . وقال عكرمة : " والعاديات ضبحاً " الفرس يصبح إذا جرى . وقال عطاء الخراساني : " ليس شيء من الدواب يضبح غير الكلب والفرس " . وقال قتادة ومجاهد : هي الخيل تضبح . وهو قول سالم والضحاك . وهو اختيار الطبري ، قال : " لأن الإبل ( لا ) تضبح ، إنما تضبح الخيل . وقال أبو صالح : الضبح من الخيل [ الحمحمة ] ، ومن الإبل التنفس . قال قتادة : [ تضبح ] إذا عدت ، أي : [ تحمحم ] . قال الفراء : الضبح صوت أنفاس الخيل إذا عدت . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل سرية إلى بني كنانة ، فأبطأ عليه خبرها ، فنزلت : { وَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } بخبرها . فهذا يدل على ( أن ) السورة مدنية . وقيل : إن من قال هي الإبل ، جعل [ الحاء بدلاً ] من عين ، والأصل " ضبعاً " يقال : ضبعت الإبل . وقوله تعالى : { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } . قال عكرمة : هي الخيل . [ قال الكلبي ] : تقدح بحوافرها حتى يخرج من حوافرها النار . وقال عطاء : " أورت النار بحوافرها " . وقال ابن عباس : سألني علي عليه السلام عن " العاديات ضبحا فالموريات قدحا " فقلت له : الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصنعون طعامهم ويورون نارهم . وعن ابن عباس أن قوله : { فَٱلمُورِيَاتِ قَدْحاً } ، عنى بذلك مكر الرجال . وقاله مجاهد ، [ جعلاه ] مثلاً للمكر . وقال عكرمة : " هي الألسنة " . وقال عبد الله : هي الإبل تنسف بمناسمها الحصى فتضرب بعضه ببعض [ فتخرج ] منه النار . ثم قال تعالى : { فَٱلْمُغِيرَاتِ صُبْحاً } . قال ابن عباس : هي " الخيل تغير في سبيل الله " وقاله مجاهد وعكرمة . وقال قتادة : " أغار القوم بعدما أصبحوا على عدوهم " . وقال إبراهيم : هي الإبل حين يقبضون من جمع . وكان زيد بن أسلم يتوقف عن تفسير هذه الأحرف ويقول : هي قسم أقسم الله بها . ثم قال تعالى : { فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً } . الهاء كناية عن الوادي وإن كان لم يتقدم له ذكر لأنه قد عرف المعنى ، وقيل : عن المكان ، والنقع ؟ الغبار ، فقد علم أنه لا يكون إلا في مكان ، فأظهر المكان لعلم السامع به . والضمير في " أثرن " للخيل في قول مجاهد وعكرمة . وقال علي عليه السلام : هي الإبل [ تثير ] الغبار حين تطأ / الأرض بأخفافها . ثم قال تعالى : { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } . أي : فتوسطن بركبانهن جمع القوم ، قال عكرمة : " جمع الكفار " قال ابن عباس : " ( هو ) جمع القوم " وقال عطاء : ( هو ) " جمع العدو " . وقال مجاهد : " جمع هؤلاء وهؤلاء " . وقال الضحاك : جمع الكتيبة . وقال عبد الله : { فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً } " يعني مزدلفة " . وانتصب " ضبحاً " ، لأنه مصدر في موضع الحال ، وانتصب " قدحاً " على المصدر ، وانتصب " صبحاً " على الظرف . ثم قال تعالى : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ } أي : إن الكافر لنعم ربه لكفور . يقال : أرض كنود : التي لم تنبت شيئاً . قال ابن عباس : ومجاهد ، والحسن وقتادة : الكنود : الكفور . قال الحسن : هو الذي يعد المصائب وينسى نعم ربه . وقال أبو أمامة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتدرون ما الكنود ؟ قلنا : [ لا ] ، يا رسول الله ، قال : الكنود : الكفور الذي يأكل وحده ، ويمنع رفده ، ويضرب عبده " . وعن الحسن أيضاً : الكنود : الأليم لربه ، [ يعد ] المصائب ، وينسى الحسنات . وعنه أيضاً : الذي يذكر المصائب وينسى نعم ربه . ثم قال تعالى : { وَإِنَّهُ عَلَىٰ ذَلِكَ لَشَهِيدٌ } . أي : وإن الله على كفر الإنسان لربه لشهيد ، أي : شاهد . ثم قال : { وَإِنَّهُ لِحُبِّ ٱلْخَيْرِ لَشَدِيدٌ } . [ أي ] : وإن الإنسان لحب الدنيا والمال لشديد الحب . وفي الكلام تقديم وتأخير . والتقدير فيه : إن الإنسان لربه لكنود ، وإنه لحب الخير لشديد ، وإنه على ذلك لشهيد . قال قتادة : هذا من مقاديم الكلام . ثم قال تعالى : { أَفَلاَ يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } . أي : أفلا يعلم الإنسان الذي تقدم ذكره { إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي ٱلْقُبُورِ } ، أي : أخرج ما فيها من الموتى [ وأثير ] . يقال : بعثر وبحثر بمعنى ، أي [ أثير ] وأخرج . وفي مصحف عبد الله : " وبحث " . قال ابن عباس : " بعثر " : " بحث " . ثم قال تعالى : { وَحُصِّلَ مَا فِي ٱلصُّدُورِ } . أي : [ بين ] وميز . وقال ابن عباس : " حصل " ، ( أي ) : أبرز . وقال سفيان : " حصل " " ميز " ، أي : بين وميز ما فيها من خير وشر . ثم قال تعالى : { إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ } . [ أي ] : بأعمالهم وأسرارهم يومئذ لذو خبر ، وعلم لا يخفى عليه منها شيء ، وهو مجازيهم على ( جميع ) ذلك يومئذ .