Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 101, Ayat: 1-11)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { ٱلْقَارِعَةُ * مَا ٱلْقَارِعَةُ } إلى آخرها . القارعة هي الساعة تقرع قلوب الناس من هولها وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها ، وذلك صبيحة ليلةٍ لا ليل بعدها . قال ابن عباس : القارعة : " " من أسماء يوم القيامة ، عظمه الله وحذره عباده " . وقوله : { مَا ٱلْقَارِعَةُ } ، " ما " استفهام فيه معنى التعظيم والتعجب من هولها ، يعجب سبحانه عباده من عظم [ هولها ] . والمعنى : أي شيء القارعة يا محمد ؟ ! ما أعظمها وأفظعها وأهولها . ثم قال تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } . أي وما أشعرك يا محمد أي شيء القارعة ؟ ! ثم بينها تعالى فقال : { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } . فالعامل في " يوم " " القارعة " ، أي القارعة يومَ يكون ( الناس ) على هذا الحال . و " القارعة " رفع بالابتداء ، " وما " ابتداء ثان . والقارعة خبر " ما " ، والجملة خبر عن " القارعة " الأولى . وقوله : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْقَارِعَةُ } " ما " ابتداء أيضاً ، و " أدراك " فعل ماضي وضمير مفعول ، " ما القارعة " ابتداء وخبر في موضع نصب مفعولاً ثانياً " لأدراك " ، والجملة خبر " ما " الأولى . والفَراش : ( هو ) ما تساقط في النار وفي السراج ، ليس [ بذباب ] ولا بعوض . وقال الفراء : هو غوغاء الجراد يركب بعضه بعضاً ، [ فكذلك ] يوم القيامة يجول بعضهم في بعض . والمبثوث : المنتشر المتفرق . ( وقيل ) : إنما شبههم بالفراش ، لأن الفراش إذا ثار لم يأخذ جهة واحدة ، بل يدخل بعضه في بعض ، فشبه الناس - إذا بعثوا وفزعوا واختلف مقاصدهم من الحيرة - بالفراش ، فإذا سمعوا الدّاعي استقاموا نحوه ، فهم في تلك الحال مشبهون بالجراد . التي تقصد إلى ناحية في طيرانها ، وهو قوله : { كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } [ القمر : 7 ] ، فهما صفتان للخلق يوم القيامة في موطنيْن : إحداهما عند . البعث ، والأخرى . عند سماع النداء . ثم قال تعالى : { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ ٱلْمَنفُوشِ } . أي : كالصوف المنفوش . وفي حرف عبد الله : " كالصوف " ، وبه قرأ ابن جبير . والعهن : جمع عهنة ، كصوفة وصوف . وهو عند أهل اللغة : المصبوغ من الصوف . ثم قال تعالى : { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } . أي : فأما من [ ثقل ] وزنه وزن حسناته . قال مجاهد / : ليس ثَمَّ ميزان ، وإنما هو ( مَثَل ) ضُرِبَ . وأكثر الناس على أنّ ثَمَّ ميزاناً توزن به ( أعمال ) العباد كيف شاء الله وعلى ما شاء . [ نقول ] كما قال ، ونوجب ما أَوْجَب ، ونؤمن بما في كتاب الله ، ولا نتقدم بين يدي الله ، ولا نعترض ، ولا نكيِّف ما لا علم ( عندنا ) منه ، ولا نحدّه . ثم قال : { فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ } . أي : في عيش قد رضيه في الجنة . وتقديره في العربية : فهو في عيشة ذات رضىً ، على النسب . ثم قال تعالى : { فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ } . أي : وزن حسناته . { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } . أي : مأواه ومسكنه الهاوية ، وهي جهنم . قيل لها الهاوية ، لأنه يهوي فيها على رأسه . قال قتادة : { فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ } : هي النار ، وهي كلمة عربية ، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد قالوا : هوت أمه . ويروى أن الهاوية اسم للباب الأسفل من النار نعوذ بالله ( منها - وهي ) الدرك الأسفل ، وأبوابُ جهنم سبعة ، بعضها فوق بعض ، أولها جهنم ، والثاني : لظى ، والثالث : الحطمة ، والرابع : السعير ، والخامس : الجحيم ، والسادسُ : سقر ، والسابع الهاوية . أعاذنا الله منها . وروي أن المؤمن إذا مات ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون : ( روحوا أخاكم ، فإنه كان في غم الدنيا ، ويسألونه : ما فعل فلان ؟ فيقول : مات ، أو ما جاءكم ؟ فيقولون ) : ذهبوا به إلى أمه الهاوية " . وإنما جعلت النار أمه ، لأنها صارت مأواه كما تؤوي المرأة ( ابنها ، فصارت ) لهم كالأم ، إذ لا مأوى لهم غيرها . وقال الخفش ( سعيد ) : { فَأُمُّهُ } : مستَقَرُّهُ . وقيل : أمه : أصله . وهاوية : بمعنى هالك ، وأم الشيء : أصله [ ومعظمه ] . ثم قال تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ } . أي : وأي شيء أشعرك يا محمد ما الهاوية ؟ ! ، ثم بيَّن فقال : { نَارٌ حَامِيَةٌ } أي : هي نار حامية .