Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 104, Ayat: 1-9)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ } إلى آخرها . أي : قبوح لكل طغان ( في الناس ، عيّاب لهم ) . وقيل : ويل : واد في جهنم يسيل بصديد أهل النار ، وقد تقدم [ ذكر هذا ] . والهمزة : الذي يغتاب الناس ويطعن فيهم . وقال ابن عباس : هو المشّاء بالنمائم المفرّق بين الناس . وقال مجاهد : الهمزة : الذي يأكل لحوم الناس ، ( يعني : يغتابهم ) . قال : واللمزة : الكافر . وعنه أيضاً أنه قال : " الهمزة الطعان ، واللمزة الذي يأكل لحوم الناس . قال أبو العالية : " الهمزة يهمزه في وجهه ، واللمزة من خلفه " وقال قتادة ( [ يهمز ] ويلمز بلسانه ) وعينه ، ويأكل لحوم الناس ويطعن عليهم . وقال عبد الله بن أبي نجيح : الهمزة باليد والعين ، واللمزة باللّسان . وقال ابن زيد : الهمزة : الذي يهمز ( الناس ) بيده وقد يضربهم ، واللمزة الذي يَلمِزُهُم بلسَانِه ويعيبهم . وقيل : إنها نزلت في جميل بن عامر الجمحي . وقيل : في الأخنس بن شريق . قال ابن عباس : هو مشرك ، كان يهمز الناس ويلمزهم . وقال مجاهد : هي عامة . ثم قال تعالى : { ٱلَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ } . أي : جمعه وأحصى عدده ولم ينفقه في سبيل الله ولا أدى حق الله منه . وقرأ الحسن : " وعَدَدَه " ، بالتخفيف ، يريد : عَدَّه ، ثم أظهر التضعيف ، وهو بعيد ، إنما يجوز في الشعر ، كما قال : @ أَنِي [ أَجوَدُ ] لأَقْوَامٍ وَإِنْ [ ضَنِنُوا ] . @@ وقيل : إنما قرأ ذلك على معنى : الذي جمع مالاً ( وجمع ) عدده ، [ أي ] : عشيرته ، فيكون عطفاً على المال ، وذلك حسن . ثم قال تعالى : { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } . أي : يظن هذا الجامع للمال ولا ينفقه في سبيل الله ، ولا يخرج حق الله منه . وقيل : { عَدَّدَهُ } من العدة ، أي : [ اعتد ] به ودفعه ذخيرة ، ومنه : { أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ } [ الكهف : 29 ] . وقيل : ( إن ) معنى ( وعدده ) ، أي : كثره ، يحسب أن ماله مخلده في الدنيا فلا يموت . ووقع { أَخْلَدَهُ } في موضع " يخلده " ، كما يقال للرجل يأتي الذنب الموبق : دخل ، والله ، فلان النار أي سيدخلها . ويقال للرجل يأتي المرء يهلك فيه : عطب ، والله ، فلان ، أي : سيعطب . وقيل : إن الفعلَ على حاله ماضياً ، والمعنى : يحسب هذا الإنسان أن ماله أحياه في الدنيا فيما مضى من عمره . هذا معنى قول ابن كيسان . ثم قال تعالى : { كَلاَّ … } أي : ليس الأمر كما ظن أن ماله يخلده في الدنيا ، وهو التمام عند نافع وأبي حاتم ونصير . والتمام عند الأخفش : { أَخْلَدَهُ } . ثم قال تعالى : { لَيُنبَذَنَّ فِي ٱلْحُطَمَةِ } أي : ليطرحن في النار ، وهذا قسم . والحطمة : اسم من أسماء النار ، سميت بذلك لحطمها كل ما ألقي فيها ، كما يقال للرجل الأكول : حُطَمةُ . وقيل : الحطمة : اسم للباب الثالث من أبواب جهنم . وهي أبواب بعضها فوق بعضٍ تمضي سُفلاً سفلاً ، أعاذنا الله منها . وقرأ الحسن : " [ لَيُنْبَذَان ] في الحطمة " ، يعني به الهمزة اللمزة وماله . وروي عنه : " لينبذُن " ، بالضم ، على [ معنى ] الجمع ، يعني به الهمزة واللمزة والمال . وقيل : يعني به الهمزة واللمزة والذي جمع مالاً . وفيه بعد ، لأن ذلك كله في ظاهر الخطاب يرجع إلى واحد . ثم قال تعالى : { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحُطَمَةُ } . أي : وأي شيء أشعرك يا محمد أي شيء الحطمة ؟ ! ثم أخبر عنها ما هي فقال : { نَارُ ٱللَّهِ ٱلْمُوقَدَةُ } . ( أي : هي نار الله الموقدة ) ، ثم وصفها فقال : { ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ } . أي : التي تُبلِغَ ألمها ووجعها القلوبَ . والاطلاع والبلوغ / قد يكونان بمعنىً ، حكي عن العرب سمَاعاً : متى اطَّلعتَ أرضنا ( واطلعتُ أرضي ) ، بمعنى : بلغت . قال محمد بن كعب القرظي : تحرقه كله حتى يبقى فؤاده نضيحاً . ثم قال تعالى : { إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ } . أي : إن الحطمة على الهمّازين اللّمازين - الذين جمعوا المال ومنعوا منه حقّ الله - مطبقة . قال سعيد : بلغني أن في النار رجلاً في شعب من شعابها ينادي مقدار ألف عام : يا حنّان يا منّان ، فيقول ربّ العزّة تعالى ذكره : يا جبريل ، أخرج عبدي من النار ، فيأتيها فيجدها مطبقة . قال : فيرجع فيقول : يارب ، إنها عليهم مؤصدة . فيقول : يا جبريل فُكَّها وأخرج عبدي النار ، قال : فيفكّها ويخرج مثل الجبل ، فيطرح على ساحل الجنة حتى ينبت الله له شعراً ولحماً ودماً . عَمَد جَمع عمود عند الفراء ، كما قالوا : أَدِيمُ وأَدَمُ . وقيل : هو اسم للجمع وليس بجمع على الحقيقة . وقال أبو عبيدة : هو جمع عمادٍ . وقال قطرب : هو جمع لا واحد له . فأما من قرأ " عُمُد " ، بضمتين ، فهو جمع عمود على القياس ، كعجوز وعُجُز ، وكتاب وكتُب ، ورغيف ورُغُفٌ . وفعل وفعال أخوا فَعُول . والمعنى : إن جهنم عليهم مطبقة بعمد ممدة عليهم . وفي قراءة عبد الله : " موصدة بِعَمَدٍ ممدةٍ ، أي : مغلقةٍ مطبقة بعمد ممددة . وقال ابن عباس : ( معناه ) أنهم أدخلوها في عمد فمدت عليهم بعماد في أعناقهم السلاسل فشدت بها الأبواب . وقال ابن زيد : ( في عمد ) [ من ] حديد مغلولين فيها ، وتلك العمد ( من ) نار قد احترقت من النار ، فهي نار ممدودة عليهم ، وقال قتادة : كنا نحدث أنّها عمد يعذبون بها في النار وهو اختيار الطبري . وقال أبو صالح : هي القيود .