Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 106, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ * إِيلاَفِهِمْ } إلى آخرها . قال الأخفش : اللام متعلقة بمعنى سورة ألم تر يا محمد كيف فعل ربك بأصحاب الفيل لتألف قريش . وقيل : التقدير : فعلنا بأصحاب الفيل هذا [ منا ] على أهل هذا البيت وإحساناً إليهم إلى نعمتنا عليهم في رحلتهم الشتاء والصيف ، ( فتكون اللام في { لإِيلاَفِ } بمعنى " إلى " . وقيل : التقدير : اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف ) ، وتركهم عبادة رب هذا البيت . وهذا مذهب الفراء . وقال الخليل بن أحمد : المعنى : لأن يؤلف الله قريشاً [ إيلافاً ] { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } أي : لهذا فليعبدوه فلا تقدير ، حذف في هذا القول . وعن ابن عباس أنه قال في تفسير { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } معناه : نعمتي على قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف . قال : كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف . وقوله : { إِيلاَفِهِمْ } ، [ بدل ] من الأول . وقرأ يزيد بن القعقاع / " إلفهم " جعله مصدر " ألفه إلفاً " . وكذلك ذكرت أسماء بنت يزيد أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ . وعن أبي أنه قرأ : [ " إلافهم " ] ، وهما مصدران للثلاثي على فِعْل وفِعال ، ومثله علم علماً ، ولقيه لقاء ، وصمت صياماً ، وكتبت كتاباً . وأجاز الفراء " إيلافَهم " بالنصب على المصدر . وروي عن أبي بكر عن عاصم أنه قرأ " لإئلفِ " بهمزتين مكسورة وساكنة ، " إئْلفهم " كذلك [ أيضاً ] ، أتى بهما على الأصل ، وهو بعيد لا يجوز عند كثير من النحويين ، وهي لغة شاذة ، وهما مصدران لاَلَفَ يُؤلِفُ . وقد قرأ [ ابن عامر ] " لإلف " ، جعله مصدر ألِفَ إلافاً ، مثل : كتب كتاباً ، وصام صياماً . وقوله : { رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } منصوب " بإيلاف " . وأجاز الفراء الخفض في { رِحْلَةَ } على البدل من { إِيلاَفِهِمْ } . [ وتقديره ] : إيلافِهم إيلافَ رحلةِ . قال مجاهد في معنى { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } [ معناه ] : " إيلافهم ذلك ، فلا تشق عليهم رحلة شتاء ولا صيف " . وقال ابن عباس { لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ } ، أي : " نعمتي على قريش " . وقيل : معناه أن الله عجب نبيه من ذلك ، فالمعنى : اعجَب - يا محمد - لنعم الله على قريش في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ، ثم يتشاغلون بذلك عن الإيمان بالله واتباعك . ودل على هذا المعنى قوله : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } . قال ابن زيد : معناه : صنعت بأصحاب الفيل ما صنعت لإلفة قريش ، أي : لئلا أفرقها ، وهذا ( هو ) قول الأخفش المتقدم . وقال ابن عباس : { إِيلاَفِهِمْ رِحْلَةَ ٱلشِّتَآءِ وَٱلصَّيْفِ } ، أي : " لزومهم " . وعنه أيضاً ( أنه قال ) : [ نهاهم ] الله عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيْت وكفاهم المؤنة ، وكانت رحلتهم في الشتاء والصيف . فلم تكن لهم رحلة ( في ) شتاء ولا صيف ، فأطعمهم الله جل وعز [ بعد ذلك ] من جوع وآمنهم من خوف ، [ فألفوا ] الرحلة ، فكانوا إذا شاؤوا [ ارتحلوا ] وإذا شاؤوا أقاموا . فكان ذلك من نعمة الله عليهم . قال عكرمة : كانت قريش قد ألفوا بصرى واليمن ، يختلفون إلى هذا في الشتاء ، وإلى هذه في الصيف ، قال : فقوله : { فَلْيَعْبُدُواْ } رب هذا البيت ، أمرهم أن يقيموا [ بمكة ] . قال الضحاك : كانوا ألفوا الارتحال في الغيظ والشتاء : إلى الشام في الغيظ ، وإلى اليمن في الشتا . وهذا قول ابن زيد أيضاً . وقال ابن عباس : " كانوا يشتون بمكة ، [ ويصيفون ] بالطائف " . وقوله : { فَلْيَعْبُدُواْ رَبَّ هَـٰذَا ٱلْبَيْتِ } . قيل : معناه : فليقيموا بموضعهم ووَطَنهم ، فليعبدوا رب هذا البيت وهو الكعبة . وقيل : معناه أنهم أمروا أن يألفوا عبادة رب مكة كإلفهم الرحلتين ، وهو قول عكرمة . وقوله : { ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ } يعني قريشاً . قال ابن عباس : أطعم قريشاً بدعوة إبراهيم عليه السلام ( حيث قال ) : { وَٱرْزُقْهُمْ مِّنَ ٱلثَّمَرَاتِ } [ إبراهيم : 37 ] . وقوله : { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } أي : وآمنهم مما يخاف غيرهم من العرب من [ الغارات ] والحروب والقتال ، فلا يخافون ذلك في الحرم . وقال ابن عباس : آمنهم من خوف بدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال : { رَبِّ ٱجْعَلْ هَـٰذَا بَلَداً آمِناً } [ البقرة : 126 ] . قال مجاهد : " آمنهم من كل عدو في حرمهم " . قال قتادة : كان أهل مكة تجاراً يعتادون ذلك شتاء وصيفاً آمنين من العرب ، وكانت العرب يغير بعضهم على بعض لا يقدرون على التجارة ولا يستطيعونها من الخوف حتى إن كان الرجل من أهل الحرم ليُصاب في حي من أحياء العرب ، فإذا قيل حَزمي خُلّيَ عنه وعن ماله تعظيماً لذلك . قال : وكانوا يقولون : نحن من [ حرم ] الله ، فلا يعرض لهم أحد في حرم الله جل وعز وكان غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أغير عليه ، وهو معنى قول ابن زيد . وقال الضحاك ومجاهد : { وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } أي : من الجذام . وقاله ابن عباس ، ولذلك [ لا ترى ] بمكة ذا جُذَام البتّة .