Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 107, Ayat: 1-7)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } إلى آخرها . يجوز ، أن تكون " أرأيت " من رؤية العين ، فلا يقدر في الكلام حذف . ويجوز أن يكون من رؤية القلب ، فتُقَدّرُ الحذف للمفعول الثاني ، والتقدير على ذلك : أرأيت الذي يكذب بالدين بعد / ما ظهر له من البراهين ، أليس مستحقاً عذاب الله ؟ … والمعنى : أرأيت - يا محمد - الذي يكذب بثواب الله وعقابه ؟ ! فلا تطعه في أمره ونهيه . قال ابن عباس : { ٱلَّذِي يُكَذِّبُ بِٱلدِّينِ } أي : بحكم الله جل ذكره . وقال ابن جريج { بِٱلدِّينِ } : بالحساب . [ والدين ] عند أهل اللغة في هذا وشبهه بمعنى الجزاء ، كما قال { مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدِّينِ } [ الفاتحة : 4 ] ، أي : يوم الجزاء ، ومنه قولهم : كما تدين تدان ، أي كما تجزي تجازى . فالمعنى : أرأيت يا محمد هذا الذي يكذب بالجَزاء فلا يعمل خيراً ولا ينتهي عن شر ، فهو الذي يدع اليتيم ، أي : يدفعه ، لأنه لا ينتظر عقاباً على عَمله ولا جزاء . ثم قال تعالى : { فَذَلِكَ ٱلَّذِي يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } أي : فهذا الذي يدفع اليتيم [ عن ] حقه ويظلمه . [ يقال ] : دعَعْت فلاناً عن حقه ، فأنا أدعهُ دعَّا . قال ابن عباس : " { يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } ، أي : " يدفَعُ اليتيم . وقال مجاهد : { يَدُعُّ ٱلْيَتِيمَ } ، أي : يدفع اليتيم فلا يطعمه " . وقال قتادة : " يقهره ويظلمه " . وقال إبراهيم بن عرفة : يدفع اليتيم عن حقه . ثم قال تعالى : { وَلاَ يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ ٱلْمِسْكِينِ } أي : لا يحض غيره على طعام المحتاج إلى الطعام . ثم قال تعالى : { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } أي : فالوادي الذي يسيل من صديد أهل النار للسّاهين عن صلاتهم الذين يصلون ولا يريدون بصلاتهم وجه الله . وقال ابن عباس : [ هم ] الذين يؤخرونها عن وقتها . وهذه رواية تخالف [ قول ] جميع المفسرين ، وقد رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم . فهي من أشد آية نزلت في المصلين على هذا التأويل إن صح . وعن ابن عباس أيضا أنه قال : هم المنافقون ، كانوا يراءون ( الناس ) بصلاتهم إذا حضروا ، ويتركونها إذا غابوا ، ويمنعون المؤمنين العارية من الماعون بُغْضاً لهم . وقال مجاهد : { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } هو " الترك لها " . وعنه أنه قال : هم لاهون عنها . وقال قتادة : هم غافلون لا يبالي أحدهم صلى أو لم يصل . وقال ابن زيد : " يصلون وليس الصلاة من شأنهم " . وقال [ سعد ] بن أبي وقاص : " [ سألت ] رسول الله صلى الله عليه وسلم عن { ٱلَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ } فقال : هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها " . ورَوى [ أبو بزرة الأسلمي ] " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - لما نزلت هذه الآية : الله أكبر هذه خير لكم من [ أن لو أعطي ] كل رجل منكم مثل جميع الدنيا ، هو الذي إن صلى لم يرج خير صلاته وإن تركها لم يخف ربه " وقال عطاء بن يسار : الحمد لله الذي قال : " عن صلاتهم ساهون " ولم يقل " في صلاتهم ساهون " . ثم قال تعالى : { ٱلَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ } الناس بصلاتهم إذا صلوا ، لأنهم لا يصلون رغبة في ثواب ، ولا [ خوفاً ] من عقاب ، إنما يصونها ليكفوا الناس عن دمائهم وأموالهم وذَرَاريهم ، وهم المنافقون الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى ذلك أكثر أهل التفسير . ثم قال تعالى { وَيَمْنَعُونَ ٱلْمَاعُونَ } . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الماعون " الزكاة " وقاله ابن عمر ، وقال ابن مسعود : هو المتاع يتعاطاه الناس بينهم . وهو قول ابن الحنفية وقتادة والحسن والضحاك وابن زيد ، وذلك نحو الفأس والقدر والدلو . وقال ابن عباس : " هو متاع البيت . وروي ذلك ( أيضا ) عن علي رضي الله عنه . قال محمد بن كعب : " الماعُونَ : المعروف " . وقال ابن المسيّب : " المَاعُونَ " بلسان قريش : المال " . وحكى الفراء عن بعض العرب أنه قال : المَاعُونَ : الماء . وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عمّا لا يحل أن يمنع فقال : " الماء والملح " . والمَاعُونَ في اللغة من المعْن ، وهو الشيء القليل .