Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 108, Ayat: 1-3)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { إِنَّآ أَعْطَيْنَاكَ ٱلْكَوْثَرَ } إلى آخرها . قال [ ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما ] : الكَوْثَرُ نهْر في الجنة ، حافتاه ذهب وفضة يجري على الدر والياقوت ، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العَسَل / . روى أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين عرج به إلى السماء : رأيت نهراً عجّاجاً مثل السَّهْمِ يطرد ، أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل ، حافتاه قباب من در مجوف فقلت : يا جبريل ، ما هذا ؟ قال : هذا الكَوْثَرُ الذي أعطاكه ربك ، ( قال ) : فضربت [ بيدي ] إلى حمأته ، فإذا هي مسكة ذفرة ، ثم ضربت بيدي إلى [ رضراضه فإذا هو ] در " وقالت عائشة رضي الله عنها : الكَوْثَرُ نهر في بطنان الجنة ، قيل لها : وما بطنان الجنة ؟ قالت : وسط الجنة ، حافتاه قصور اللؤلؤ والياقوت ، ترابه المسك ، وحصباؤه : اللؤلؤ والياقوت . وعن أنس بن مالك أنه قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم مضى به جبريل عليهما السلام في السماء الثانية فإذا هو بنهر عليه قصر من اللؤلؤ والزبرجد فذهب ليشم ترابه فإذا هو مسك . قال : يا جبريل ، ما هذا النُهْر ؟ قال : الكوثر الذي خبأ لك ربك . وروى ابن جبير عن ابن عباس أنه قال : الكَوْثَرُ : " [ الخير الكثير ] " . وقال ابن جبير : النهر الذي في الجنة هو من الخير الذي أعطاه الله إياه . وعن ابن عباس أيضا أنه قال : الكوثر هو الخير الكثير والقرآن والحكمة . وقال عطاء : الكَوْثَرُ " حوض في الجنة أُعطيه النبي صلى الله عليه وسلم " . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " بينما أنا أسير في الجنة إذ عرض لي نهر ، حافتاه قِباب اللؤلؤ المجوَّف ، فقال الملك الذي معي : أتدري ما هذا ؟ [ هذا ] الكوثر الذي أعطاك الله ، وضرب بيده إلى أرضه فاستخرج من طينه المسك " . ثم قال تعالى : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } . أي : [ فحافظ ] ( على الصلوات المكتوبة ) في أوقاتها . وقال أنس : كان النبي صلى الله عليه وسلم ينحر يوم الأضحى قبل الصلاة ، فأمر أن يصلي ثم ينحر . وهو قول قتادة . وقال محمد بن كعب القرطبي : إن ناساً كانوا يصلون لغير الله ، وينحرون لغير الله ، فأنزل الله هذه السورة . فالمعنى عنده : إنا أعطيناك الكوثر يا محمد ، فلا تكن صلاتك ونحرك إلا لله . وقال ابن جبير : نزلت هذه الآية يوم الحديبية لما صد المشركون النبي صلى الله عليه وسلم عن البيت ، أتاه جبريل وقال : صل وانْحر وارجع ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، [ فخطب ] خطبة الفطر والنحر ، ثم ركع ركعتين ، ثم انصرف إلى البدن فنحرها ، فذلك قوله { فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَٱنْحَرْ } . وهذا القول يدل على أن السورة مدنية ، وقال الضحاك : { فَصَلِّ لِرَبِّكَ } ، أي : ادع ربك وأسأله . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : معنى { وَٱنْحَرْ } ، ضع اليمين على الشمال في الصلاة . وروي عنه : ضع اليمنى على الساعد الأيسر على صدرك . وعنه أيضاً وعن أبي هريرة : يجعل يديه تحت السُّرة . وهذا مذهب الكوفيين . وقيل : معنى { وَٱنْحَرْ } ارفع يديك إذا استفتحت الصلاة إلى النحر . وقال ابن جبير : معناه فصل لربك المكتوبة ، وانحر البدن يمنى . وقاله ابن عباس . وحكى الفراء { وَٱنْحَرْ } استقبل القبلة بنحرك . ثم قال تعالى : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } أي : إن مُبْغِضك يا محمد وعدوك هو الأبتر ، أي هو الذي لا عقب له ، عني بذلك العاصي بن وائل السهمي . وقال قتادة : { هُوَ ٱلأَبْتَرُ } أي : هو الحقير الذليل . قال ابن زيد : قال رجل : إنما محمد أبتر ليس له - كما ترون - عقب ، فأنزل الله : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } . ( وقيل : نزلت في عقبة بن أبي معيط ، كان يقول : إنه لا يبقى لنبي الله صلى الله عليه وسلم ولد وهو أبتر فأنزل الله جل ذكره : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } وقال ابن عباس : " لما قدم كعب ابن الأشرف مكة أتوه - يعني قريشا - فقالوا له : نحن أهل السَّدانة والسقاية ، وأنت سيد أهل المدينة ، فنحن خير أم هذا [ الصُّبُور ] [ المنبتر ] من قومه ، ( يزعم أنه ) [ خير ] منا ، فقال : بل أنتم خير منه ، ونزلت : { إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ ٱلأَبْتَرُ } قال : وأنزلت عليه { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ } [ النساء : 51 ] إلى قوله : { نَصِيراً } [ النساء : 52 ] . وعن ابن عباس أنها نزلت في أبي جهل قال : والمعنى أن عدوك أبا جهل هو الأبتر .