Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 109, Ayat: 1-6)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } إلى آخرها . روى المفسرون أن المشركين كانوا قد عرضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعبدوا الله عز وجل سنة / على أن يعبد نبي الله آلهتهم سنة ، فأنزل الله جل ذكره جوابهم { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } إلى آخرها . والمعنى : قل - يا محمد - { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } بالله لاَ أعْبُدُ ما تعبُدُونَ من الأصنام والأوثان الآن ، ولا أنتم عابدون الآن ما أعبد ، ولا أنا عابد في ما [ أستَقْبِلُ ] ما عبدتم في ما مضى { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ } في ما تستقبلون أبداً ما أعبُدُ أنا الآن ( و ) في ما أستقبل . وروي أن ذلك نزل في أشخاص بأعيانهم قد علم الله أنهم لا يؤمنون أبداً ، فأمر الله نبيه أن يؤيسهم مما طلبوا وأن ذلك لا يكون منه بد ولا منهم ، فلا هو يعبد ما يعبدون أبداً ولا هم يعبدونَ ما يعبد هو أبداً لما سبق في علمه من شقوتهم . قال ابن عباس : وعد قريش نبي الله عليه الصلاة والسلام أن يعطوه مالاً فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه من أراد من النّساء ، [ وقالوا ] : هذا لك عندنا يا محمد ، وكُفَّ عن شتم آلهتنا ، ( ولا تذكرها بسوء ، فإن لم تفعل فإنّا نعرض عليك خصلة واحدة ، [ فهي ] لك ولنا فيها صلاح . قال : ما هي ؟ قالوا : تعبد آلهتنا اللات والعزى ( سنة ) ، ونعبد إلهك سنة . قال : حتى أنظر ما يأتي من عند ربي ، فجاء الوحي من اللوح المحفوظ : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } إلى آخرها وأنزل الله أيضا { قُلْ أَفَغَيْرَ ٱللَّهِ تَأْمُرُونِّيۤ أَعْبُدُ أَيُّهَا ٱلْجَاهِلُونَ } [ الزمر : 64 ] إلى قوله : { وَكُن مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [ الزمر : 66 ] . قال المبرد : ليس في هذا تكرير ، وإنما جهل من قال إنه يكون في اللغة ، وإنما المعنى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ * لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } في هذا الوقف ، وكذا { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } وانقضى الكلام ، وهو التمام عند أبي حاتم على هذا المعنى . ومن جعله تكرير للتأكيد كان التمام آخر السورة . قال المبرد : ثم قال { وَلاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } أي : فيما استقبل { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } مثله . وكان في هذا دلالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، لأن كل من خاطبه بهذه الخطابة لم يسلم منهم أحد ، وكذا الذين خَاطَبَهُم بقوله : { سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ البقرة : 6 ] . وروي أن الوليد بن المغيرة ( و ) العاصي بن وائل والأسود [ بن المطلب ، وأمية بن ) خلف لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : يا محمد ، [ هلم ] ، فلتعبد ما نعبد ونعبد ما تعبد ، ونشركك في [ أمرنا ] كله ، فإن كان الذي جئت به خيراً مما في أيدينا كنا قد ( شركناك فيه ، وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان الذي بأيدينا خيراً مما في يديك كنت ) قد شركتنا في [ أمرنا ] وأخذت بحظك منه ، فأنزل الله جل ذكره : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } إلى آخرها . قوله { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } أي : لكم دينكم فلا تتركونه أبداً ، لأن الله قد قضى ( عليكم ) ألا تنتقلوا منه وأنتم تموتون عليه ، ولي دين لا أتركه أبداً لما ( قد ) قدر الله علي فيه ، فعليه أموت .