Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 113, Ayat: 1-5)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } إلى آخرها . ( قال زر : سألت أُبي بن كعب عن المعوذتين ، فقال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : قيل لي فقلت فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقاله ابن مسعود بمثله . ومعنى ذلك - والله أعلم - أنهما سألا النبي صلى الله عليه وسلم عن إثبات " قل " في أولهما ، فقال النبي عليه السلام : قيل : لي : " قُلْ أَعوذُ " ، فقلت : [ أي ] : قيل لي : اقرأ { قُلْ أَعُوذُ } فقرأها ، بإثبات " قل " على أنها أمر به . وكأنه كان يقال في غير هذه السور الثلاث : " قل ألَم نشرَحْ " ، " قُل إنّا أنزَلناهُ " . وقيل في هذه الثلاثة : اقرأ : { قُلْ أَعُوذُ } ، اقرأ : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ } ، هذا بإثبات " قل " في ذلك ، وقال أبي بن كعب وابن مسعود : فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فالمعنى : اقرأ - يا محمد - { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } . قال ابن عباس : " الفلق : سجن في جهنم " . قال بعض الصحابة : الفلق بيت في جهنم ، إذا فتح هرب أهل النار ، [ كذا في كتاب عبد بن حميد ] . وذكر ابن وهب أن كعباً قال : الفلق بيت في جهنم إذا ( فتح ) صاح جميع أهل النار من شدة حره أعاذنا الله منها . وقال السدي : الفلق جب " في جهنم " . وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال ) : " الفلق جب في جهنم مغطى " . وقال أبو عبد الرحمن [ الحبلي ] : هو جهنم . وقال ابن عباس والحسن وابن جبير ومحمد بن كعب ومجاهد وقتادة وابن زيد : هو فلق النهار ، يريدون فلق الصبح ، وعن ابن جبير [ أيضاً ] أنه جب في النار . والعرب تقول : هو أبين من فلق الصبح ، ومن [ فرق ] الصبح يعنون الفجر ، ويقولون لكل شيء أضاء من الأرض : فلق . وعن ابن عباس أيضاً : الفلق : [ الخلق ] . وقوله : { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } ، أي : من شر كل ذي شر ، أمر الله نبيه أن يتعوذ من شر ( كل ) ذي شر ، لأن ما سواه - تعالى ذكره - مخلوق . ثم قال تعالى ذكره : { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } . قال ابن عباس والحسن : الغاسق [ الليل إذا أظلم ] . وقال محمد بن كعب { غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } " النهار إذا دخل [ في الليل ] . وقال مجاهد : هو الليل [ : إذا أظلم ، وقال أيضاً ] : إذا دخل . وقال أبو هريرة رضي الله عنه : هو " كوكب " . وقال ابن زيد : كانت العرب تقول : الغاسق سقوط الثريا ، وكانت الأسقام والطاعون يكثران عند سقوطهما ويرتفعان عند طلوعها . وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " النجم هو الغاسق " . وقالت عائشة رضي الله عنها : " أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ، ثم نظر إلى القمر فقال : يا عائشة ، تعوذي بالله من شر غاسق إذا وقب ، ( هذا غاسق إذا وقب ) " وقال الزهري : الغاسق إذا وقب : " الشمس إذا غربت " . والمعروف في كلام العرب : وَقَبَ بمعنى دخَلَ . ويقال : غَسَقَ : إذا أظلمَ ، فالليل إذا دخل في ظلامه غاسقٌ ، وكذا القمرُ إذا دخلَ في المَغيبِ للكسوف وغيره ، وكذا النجم ، [ فالاستعاذة ] عامة من [ كل ] هذا ، فهو الظاهر . ويقال : غَسَقَ إذَا أظلَمَ . وقال القتبي : { إِذَا وَقَبَ } : هو القمر إذا دخلَ في ساهُوِرِهِ ، وهو كالغلاف له ، وذلك إذا خسف . وكلّ شيء أسْوَدُ فهو غَسَقٌ . قال الحسن ومجاهد وعكرمة وقتادة : الغاسق الليل . قال الحسن : { إِذَا وَقَبَ } : إذا دخل على الناس . قال عكرمة : تجلى فيه عفاريت الجنّ . ثم قال تعالى : { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } . أي : من شرّ السواحر [ اللاتي ] ينفثن في الخيط حين [ يَرْقِينَ ] عليها . قال ابن عباس : هو ( ما ) خلط السحر من الرُّقَى . قال مجاهد : هو " الرُّقى فِي عُقَدِ الخَيْطِ " . وقال مجاهد : هو نَفْثُ " السواحرِ في العقد " . ويقال : إنهنّ نساء كنّ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سواحر ، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة منهنّ ، لأنهنّ يوهمن / أنهم [ ينفعن ] أو [ يضرّن ] ، فربما لحق الإنسانَ في دينه مأثم . ويروى أنّ النبيَّ لمّا سُحِرَ عُقِدَت لهُ إحدَى عشْرة عُقْدَةً ، فأَنزَلَ الله جلَّ ذكرُه إحدى [ عَشْرَةَ ] آيةً بِعَدَدِ العُقَدِ ، وهي المَعُوذَتَانِ . والنَّفْثُ يكونُ بالفَمِ [ شَبيهٌ ] بالنَّفْخِ ، والتَّفْلُ لا يَكُونُ إلاّ معَ الرِّيقِ . ثم قال : { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } . قال قتادة : معناه : " من شرِّ عَيْنِهِ وَنَفْسِهِ " . وقال ابن زيد : أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ [ يَسْتَعِيذَ ] مِنْ شَرِّ اليَهُودِ الّذينَ حَسَدُوهُ ، لَمْ يَمْنَعُهُم أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ إلاَّ [ حسَدُهُم ] . وقيل : هو لَبيدُ بنُ الأَعْصَمِ وبَناتِهِ منَ السَّواحِرِ .