Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 12, Ayat: 1-4)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } إلى قوله { سَاجِدِينَ } قد تقدم الكلام في { الۤر } . و { تِلْكَ } عند الطبري بمعنى " هذه " . والمعنى : تلك آيات الكتاب المبين : " حلاله وحرامه ، ورشده وهُداه " . { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ } الهاء تعود على خبر يوسف ، وهو اختيار النحاس ، وغيره . أي : إنا أنزلنا خبر يوسف ، وذلك أن اليهود سألوا النبي ، صلى الله عليه وسلم : لِمَ انتقل آل يعقوب من الشام إلى مصر ، وعن خبر يوسف . فأنزل الله ، ( عز وجل ) هذا بمكة موافقاً لما في التوراة ، وفيه زيادة ليس عندهم . وقيل : إن " الهاء " تعود على الكتاب المبين ، وهو القرآن . ومعنى : { إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } آية : أي : مجموعاً ، مبيناً عربياً . { لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } : أي : { تَعْقِلُونَ } : أن محمداً صلى الله عليه وسلم إذا أتاكم بأخبار الغيب ، وهو ممن لا يقرأ كتاباً . وقيل : معناه : إنه أنزله عربياً لينقطع عذر العرب ، إذ نزل بلسانهم ، فمعنى : ( تعقلون ) : أي : لتعقلوا ما أنزل عليكم ، ولا عذر لكم في ترك فهمه ، إذ هو بلسانكم . ثم قال تعالى : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } : أي : نحن نخبرك يا محمد عن ( الـ ) أمم الماضية ، والقرون السالفة أحسن الخبر ، وأصحَّهُ . وما كنت يا محمد من قبل أن ينزل عليك هذا { ٱلْقُرْآنَ وَإِن } من الغافلين عن هذه القصص ، والأخبار . وقيل : معنى نقص : نبين . وقال ابن عباس : قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ( له ) : لو قصصت علينا فنزلت : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } . وروي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ملُّوا ملَّة . فقالوا : يا رسول الله ! حدثنا . فأنزل الله عز وجل : { ٱللَّهُ } [ الزمر : 23 ] { نَزَّلَ } [ الزمر : 23 ] { أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً } [ الزمر : 23 ] . ثم قال تعالى : { إِذْ قَالَ يُوسُفُ لأَبِيهِ يٰأَبتِ } ، العامل في " إذ " الغافلين . وقرأ طلحة بن مصرف { يُوسُفُ } بالهمزة وكسر السين . وحكى ابن زيد : يؤسف بالهمزة ، وفتح السين . والوقف عند سيبويه وأصحابه على " يا أبه " بالهاء ، لأن الهاء بدل من الياء التي للإضافة . ومذهب الفراء : الوقف بالتاء ، لأن الياء عنده في النية . ومن فتح التاء ، فلأنها ( أ ) شبهت بالهاء التي هي علامة التأنيث ، كما قال الشاعر : @ كليني لهم يا أميمة ناصب @@ وهذا مذهب سيبويه . وقال قُطْرُب : وهو أحد قولي الفراء ، لأن الأصل : يا أبتا ( ه ) ، ثم حذفت الألف . ويكون الوقف على قول سيبويه بالهاء ، وهو قول الفراء الآخر . والندبة في هذا لا يجوز ، إذ ليس هو من مواضعها . والعلة التي من أجلها دخلت الهاء في هذا أن قولك : " أبوان " : تثنية الأب . واللام يوجب أن يكون يستعمل ( أب وأبت ) كما أن قولك : " والدان " للأب والأم يُوجب : " والد ، ووالدة " . فلما لم يستعمل " أبِهِ " استغنى باللام - استعمل ذلك في النداء في " الأب " ، وأَجْرُوه مجرى ما وصف فيه المذكر مما فيه الهاء نحو : " علامة وَنَسَّابة . وقال الفراء : إنما هي الهاء التي تزاد في الوقت ، أكثر بها الكلام فنبهت بهاء التأنيث . قرأ الحسن ، أبو جعفر " أحد عْشْر " بإسكان العين لكثرة الحركات . وقال : رأيتهم لأنه أخبر عنها بالسجود ، وهو فعل من يعقل ، ومثله : { ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ } [ النمل : 18 ] و { فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُواْ يِنْطِقُونَ } [ الأنبياء : 63 ] . وقيل : لما كان تفسير ذلك واقعاً على إخوة يوسف ، وأبيه ، وخالته ، أخبر عنهم ، بالهاء والميم . وذلك حقهم في الحكاية ، والإخبار عنهم . قال ابن عباس : كانت الرؤيا فيهم وحياً . والأحد عشر هم : أخوة يوسف ، والشمس أمه ، والقمر أبوه . هذا قول ابن عباس ، وغيره . ويروى أن رؤيا يوسف كانت ليلة الجمعة ، وكانت ليلة القدر ، فأشفق يعقوب أن يحسده إخوته على ذلك . فنهاه أن يقصَّها عليهم . وقال قتادة ، وغيره : الشمس خالته ، والقمر أبوه . وظهرت رؤيا يوسف عليه السلام ، بعد رؤيتها بأربعين سنة . وقد روي أن يعقوب ، عليه السلام ، فسر الرؤيا : تأول الأحد عشر كوكباً : أحد عشر نفساً ، لهم فضل يستضاء بهم ، وهم إخوة يوسف ، وتأوّل الشمس ، والقمر : أبويه ، فتأوّل أن يوسف يكون نبياً ، وأن إخوته يكونون أنبياء ، لأن الله ، عز وجل ، أعلمهم أنه يتم نعمته عليه ، وعلى أبويه .