Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 15, Ayat: 26-38)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله [ تعالى ] : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } إلى قوله : { ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } . الإنسان هنا آدم [ صلى الله عليه وسلم ] . [ و ] الصلصال الطين اليابس الذي لم تأخذه نار ، فإذا نقر صلصل ، أي : صوت . وقال ابن عباس خلق [ الله ] آدم [ صلى الله عليه وسلم ] من ثلاثة : من صلصال ، ومن حمأ ، ومن طين لازب . [ فاللازب ] اللاصق ، والحمأ الحمأة ، والصلصال التراب المدقق . وسمي إنساناً لأنه عهد إليه فنسي . وقال قتادة : الصلصال التراب اليابس الذي يسمع له صلصة . وقال الضحاك : هو طين صلب يخالطه الكثيب يعني : الرمل . وقال مجاهد : / الصلصال المنتن . أخذ من صل اللحم [ وأصل ] إذا انتن ، وأصله على هذا [ القول ] : " صلال " ، ثم أبدل من اللام الثانية صاد . وهذا التأويل ينقضه قوله : { مِن صَلْصَالٍ كَٱلْفَخَّارِ } [ الرحمن : 14 ] فشبهـ [ ـه ] بالفخار ، والفخار ليس بمنتن . لكن قوله : { مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } يريد كونه متغير [ اللون و ] الرائحة . لأن الحمأ متغير الرائحة ، دليلـ [ ـه ] قوله : " مسنون " . والمسنون عند ابن عباس المتغير الرائحة ، وكذلك قال مجاهد ، وهو قول : أبي عمرو [ و ] الكسائي . وقال غيرهم : مسنون مصبوب . من سننت الماء : صببته . وقال الفراء : هو طين مختلط برمل فيسمع له صلصلة . وقال أبو عبيدة : يقال للطين : صلصال ، ما لم تأخذه النار . فإذا أخذته فهو فخار . وكل شيء له صوت ، سوى الطين ، فهو صلصال . و " الحمأ " جمع حمأة وهو الطين المـ [ ـتـ ] ـغير إلى السواد . و " المسنون " المنتن في قول ابن عباس ، ومجاهد ، وأبي عمرو ، والكسائي . وقال أبو عبيدة : المسنون : المصبوب . يقا [ ل ] سننت الشيء إذا صببته . وسننت الماء على وجهه : صببته . وعن ابن عباس : المسنون الرطب . فهذا يوافق قول أبي عبيدة ، لأنه لا يكون مصبوباً حتى يكون رطباً . وقال الفراء : المسنون المحكوك من سننت الحديد . ولا يكون على هذا إلا متغيراً . وقيل : المسنون المصبوب على مثال وهيئة ، من سننت الوجه . ثم قال [ تعالى ] : { وَٱلْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } . والمعنى : إبليس خلقناه من قبل آدم من نار السموم . والسموم عند ابن عباس الحار الذي يقتل كل شيء . وقال الضحاك : معناه : من لهب من نار السموم . والعرب تستعمل السموم بالليل والنهار . وقيل : [ إن ] السموم إنما يكون بالليل والحرور بالنهار . [ و ] قال ابن مسعود : نار السموم التي خلق الله [ عز وجل ] منها الجان . والسموم الشديد والحر ، جزء من سبعين جزءاً من نار السموم التي الله خلق الله [ عز وجل ] منها الجان . وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " نار السموم جزء من سبعين جزآ من جهنم " . قال الضحاك : { مِن نَّارِ ٱلسَّمُومِ } من لهب النار . ويروى أن الله جلّ ذكره : خلق نارين ، ناراً فيها السموم وناراً ليس فيها السموم . فمزج واحدة في الأخرى ، فأكلت النار التي فيها السموم ، النار الأخر [ ى ] فخلق إبليس منها . قال الحسن : نار السموم ، نار دونها حجاب ، والذي تسمعونه من الصواعق من انغطاط الحجاب . والسموم في الأصل : الريح الحارة . وقال وهب بن منبه : الجن أجناس : منهم من يأكل ويشرب وينكح ، وأما خالص الجن فهم ريح لا يأكلـ [ ـون ] ولا يشربون . ثم قال تعالى : { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ } . أي : واذكر يا محمد ، إذ قال ربك هذا . قال ابن عباس لما خلق الله [ عز وجل ] الملائكة قال : إني خالق بشراً من طين فإذا خلقته وصار حياً فاسجدوا ، وهذا السجود سجود تكرمة وتحية لا سجود عبادة . وقوله : { مِن رُّوحِي } . قال الضحاك : من قدرتي ، وتحقيق الأمر أنه إضافـ [ ـة ] خلق إلى خالق ، فالروح خلق الله [ سبحانه ] ، إضافة إلى نفسه ، لأنه اخترعه وخلقه . كما يقال : خلق [ الله ] وأرض الله ، وسماء / الله ، وهو كثير . هذا قول أهل المعرفة بالمعاني فافهمه . " فلما خلقه الله [ عز وجل ] أبوا أن يسجدوا ، فأرسل عليهم نار [ اً ] فأحرقتهم ، ثم خلق ملائكة ، وقال لهم مثل ذلك ، فقالوا : سمعنا وأطعنا ، إلا إبليس كان من الكافرين ، أي : من الأولين الذين امتنعوا من السجود . وقيل : كان من الكافرين في اللوح المحفوظ . فعلى هذا القول : يكون قوله : " إلا إبليس " استثناء من الجنس . وقال أبو إسحاق : إنه استثناء ليس من الأول . فجعل إبليس : ليس من الملائكة . فلما امتنع من السجود قال له الله : ما منعك أن تكون من الساجدين ؟ قال إبليس تكبراً وتجبراً وحسداً لآدم : { لَمْ أَكُن لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ } ، أي : أنا خير منه ، لأنك خلقته من طين وخلقتني من نار . والنار تأكل الطين فلا أسجد له . قال الله له : { فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } ، أي : أخرج من السماوات . فإنك مرجوم أي : مشتوم . { وَإِنَّ عَلَيْكَ ٱللَّعْنَةَ } أي : الغضب { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } أي : يوم الجزاء وهو يوم القيامة . قال إبليس : رب إذا أخرجتني من السماوات ولعنتني { فَأَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } أي : أخرني ولا تمتني ، إلى يوم يبعث ولد هذا الذي فضلت علي ، قال الله [ عز وجل ] { فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } أي : من المؤخرين فلا تموت إلى يوم الوقت المعلوم أي : [ يوم ] هلاك جميع الخلق . قال سفيان : " الوقت المعلوم " النفخة الأولـ [ ـى ] .