Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 15, Ayat: 45-50)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ٱدْخُلُوهَا بِسَلامٍ [ آمِنِينَ ] } إلى قوله { ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } . قال ابن عباس : الجنات سبع : جنة الفردوس ، وجنة عدن ، وجنة النعيم ، وجنة الخلد ، وجنة المأوى ، ودار السلام ، ودار الخلود . يقال لمن اتقى المعاصي ولزم الطاعة لله : ادخلوها بسلام آمنين من عذاب الله ومن نكبات الدنيا ومن الموت . ثم قال : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً } . أي : نزعنا ما فيها من الحقد و [ الـ ] ـعداوة . يقال : غل يغل من الشحناء . وغل يغل من الغلول . وأغل يغل من الخيانة . قال أبو أمامة : يدخل أهل الجنة الجنة على ما في صدورهم في الدنيا من الشحناء والضغائن ، حتى إذا تقابلوا نزع الله [ عز وجل ] ما في صدورهم من غل وشحناء . وروي عنه أنه قال : لا يدخل [ الـ ] ـمؤمن الجنة حتى ينزع الله [ عز وجل ] ما في صد [ و ] رهم من غل ، وينزع [ منه ] مثل السبع الضاري . وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : فينا أهل بدر نزلت الآية . وقال علي لابن طلحة : اني لارجو أن يجعلني الله وإياك من الذين ينزع [ الله ] ما في صدورهم من غل ، ويجعلنا إخواناً { عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } . وروي عنه أنه قال [ إني ] لأرجو أن أكون أنا وعثمان ممن قال الله تعالى { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " يخلص المؤمنون من النار ، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار . فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت في الدنيا . حتى إذا هذبوا ونقوا ، أذن الله لهم في دخول الجنة . فوالذي نفسي محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة [ منه ] بمنزله الذي كان في الدنيا " . ومعنى { مُّتَقَـٰبِلِينَ } يقابل بعضهم بعضاً لا يستدبره ، قال مجاهد : لا ينظر واحد منهم إلى قفا صاحبه . وقيل : معنى { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } / أزلنا عنهم الجهل والغضب وشهوة ما لا ينبغي حتى زال التحاسد . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن الغل على أبواب الجنة كمبارك الابل إذ [ ا ] نزع من صدور [ المؤمنين ] " . وروي عن علي [ رضي الله عنه ] أنه قال : " إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير من الذين قال الله { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَٰناً عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَـٰبِلِينَ } . وروي عنه أنه قرئت عنده الآية : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ } فقال : ألا ذاكم عثمان وأصحابه ، وأنا منهم . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا تقابلوا وترافقوا في الجنة نزع الله ما في صدورهم من غل " . " وسرر " جمع سرير في أكثر العدد . ويقال سُرَر في جمعه بفتح الراء الأول . ثم قال [ تعالى ] : { لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ } . أي : لا يلحقهم وجع ولا تعب ولا ضرر ولا ألم { وَمَا هُمْ مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ } أي : هم خالدون فيها أبداً . ثم قال تعالى ذكره : { نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } . أي : أخبر يا محمد عبادي عني { أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } أي : الساتر لذنوبهم إذا تابوا واستقاموا . الرحيم بهم أن أعذبهم على ما تقدم من ذنوبهم بعد توبتهم واستقامتهم . وخبرهم أيضاً يا محمد { أَنَّ عَذَابِي } لمن أصر على المعاصي والكفر { هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } أي المؤلم يعني الموجع لا يشبهه عذاب . وهذا كله تحذير لعباده وتخويف وإطماع في رحمته . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لو يعلم العبد قدر عفو الله لما تورع من حرام ، ولو يعلم قدر عذابه لبخع نفسه " . وروي عنه [ صلى الله عليه وسلم ] " أنه خرج على أصحابه وهم يضحكون فقال : أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار ؟ " فشق ذلك عليهم فـ [ ـأ ] نزل الله جلّ ذكره { نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } .