Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 204-205)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا } الآية . نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق ، واسم الأخنس أبي ، وأمه ضبيعة عمة عثمان رضي الله عنه ، كان حليفاً لبني زهرة ، وكان قد أتى مع قومه بني زهرة إلى بدر مع المشركين يريدون قتال النبي صلى الله عليه وسلم فلما أتوا الجحفة ، أشار على بني زهرة بترك القتال فأطاعوه ، فأخنس بهم من المشركين ، ورجع فسمي الأخنس فلما بلغ النبي [ عليه السلام ] قوله وما أشار به على بني زهرة عجب من ذلك ، ففيه نزلت : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ } الآية . ثم إنه بعد ذلك قدم على النبي [ عليه السلام ] فأظهر المحبة للإسلام ، وحلف أنه ما قدم إلا لذلك ، وأنه صادق في قوله ، فأعجب النبي [ عليه السلام ] منه ذلك وكان يبطن الغش والنفاق ، فلما خرج أفسد زَرْعَ / الناس بالنار وأهلك مواشيهم ، فذلك قوله : { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ ٱلْحَرْثَ } أي : بالنار والنسل . وروي أنه عقر حمراً ، وفيه نزلت : { ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ / لُّمَزَةٍ } [ الهمزة : 1 ] . وفيه نزلت : { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } [ القلم : 10 ] إلى { ٱلْخُرْطُومِ } [ القلم : 16 ] ، لأنه حلف أنه ما قدم إلا رغبة في الإسلام وأنه صادق في يمينه ، فقال الله عز وجل : { وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا فِي قَلْبِهِ } أي أنه صادق فيه قوله . وقوله : { أَلَدُّ ٱلْخِصَامِ } . أي شديد الخصومة . وقيل : معناه أنه كاذب في قوله . والخصام مصدر " خاصم " . وقال الزجاج والقتبي : " هو جمع خصم . يقال : خصم ، وخصوم وخصام " . وعن ابن عباس أنه قال : " نزلت في السرية التي أصيبت للنبي عليه السلام تكلم قوم من المنافقين فيها ، فأخبر الله عن اختلاف سريرتهم وعلانيتهم " . وقيل : إن الآية عامة في كل منافق أخبر الله أنه يقول بلسانه ما لا يعتقد بقلبه . وقد قال في موضع آخر ، { وَإِذَا / لَقُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَالُوۤا آمَنَّا } [ البقرة : 14 ] ، وقال : { وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ٱلْغَيْظِ } [ آل عمران : 119 ] . فأخبر الله أنه يشهد على ما في قلبه . يريد أنه يقول ما يقول ، ويستشهد بالله أنه صادق في قوله ؛ يقول : الله يشهد أني صادق فيما أقول وهو كاذب . فأخبرنا الله تعالى أنه شديد الخصومة ، وأنه إذا تولى سعى في الأرض بالفساد الذي هو سبب هلاك زرع الناس لأنه إذا أفسد اشتغل بالحرب والقتال عن الزرع ، وإذا لم يكن زرع لم تجد البهائم ما تأكل ، فيذهب النسل / وقوله : { وَيُشْهِدُ ٱللَّهَ } . أي يقول : اللهم إنك تشهد أني صادق : " وهو كاذب " . وقرأ ابن محيصن : " ويَشْهَدُ اللهُ " بفتح الياء ، ورفع الاسم على معنى : [ والله ] يشهد أنه كاذب في قوله . وقيل : معنى ، { وَإِذَا تَوَلَّىٰ } إذا غضب ، فعل ذلك . وقال مجاهد : " إنه إذا أفسد وتعدى ، كان ذلك سبب إمساك الله القطر ، وإمساكه هلاك الحرث والبهائم ، وقرأ مجاهد : { ظَهَرَ ٱلْفَسَادُ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي ٱلنَّاسِ } [ الروم : 41 ] . وقرأ الحسن وقتادة : { وَيُهْلِكَ } بالرفع عطفاه على يُعْجِبُكَ . وقال أبو حاتم : " عطف على { سَعَىٰ } ، أي يسعى ويهلك ، وقال الزجاج : " معناه : وهو يهلك " . وعن ابن كثير أنه قرأ : " ويهلك " بفتح الياء والنصب ، الحرث والنسل بالرفع . ومثل الجماعة أشهر عنه .