Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 228-228)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱلْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوۤءٍ } . ومعناه : المطلقات المدخول بهن ذوات الحيض - غير الحوامل - يتربصن عن التزويج ثلاثة أطهار ، وقيل : ثلاثة حيض . والقرء في اللغة : الوقت ، فيصلح للطهر ، ويصلح للحيض . والحيض عند أبي حنيفة وغيره أولى به . وهو قول أحد عشر من الصحابة وجماعة من التابعين والفقهاء . وهو عند مالك الطهر ، وهو قول جماعة من الصحابة والتابعين . فإذا طلقها وهي طاهر في طهر لم يمسها فيه فهو قرء تعتد به ، وإن لم يبق منه إلا أقله . فإذا رأت الدم من الحيضة الثالثة حلت للأزواج ، وهو قول عائشة . وابن عمر وزيد بن ثابت والقاسم وسالم وسليمان بن يسار / . وبه قال الشافعي وغيره من الفقهاء . ويدل على أن المراد / بالأقراء في هذه الآية الأطهار قوله تعالى : { فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } [ الطلاق : 1 ] ، فلهن أن يعتدن بما يطلقن فيه وهو الطهر الذي لم تمس فيه . والطلاق في الحيض عند أهل العلم مكروه ، فدل ذلك على أن الطلاق إنما يكون في الطهر لا في الحيض : [ وهو قول النبي عليه السلام ] : " فَلْيُطَلِّقْهَا طَاهِراً مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ " فإذا طلقت / في الطهر اعتدت به قرءاً . ودخول الهاء في ثلاثة يدل على أنه الأطهار ، لأن الطهر مذكر والحيض مؤنث ، فلو أريد به الحيض لم تدخله الهاء . قال ابن عباس : " استثنى الله من هذه الآية اللواتي لم يدخل بهن والحوامل " . وقال قتادة : " هو نسخ " . وقال غيرهما : " هو تبيين ، لأن هذه الآية يراد بها الخصوص فبين المراد في " الأحزاب " وسورة الطلاق ، فهي مبينة لا منسوخة . قوله : { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِيۤ أَرْحَامِهِنَّ } . / أكثر أهل التفسير على أن الذي نهين عنه أن يكتمن هو الحيض والولد وذلك أن تقول : " إني قد حضت الثلاثة ، وهي لم تحض لتذهب ما يجب لزوجها من الرجعة ، أو تكتم الولد ليذهب حقه من الرجعة حتى تلد وهو لا يعلم ، فلا يكون له في الرجعة بعد الولادة حق . وقيل : هو الحمل خاصة ؛ وذلك أنهن كن في الجاهلية يكتمن الولد خوفاً ألا يراجعهن أزواجهن ، فيتزوجن وهن حوامل ، فيلحقن الولد بالزوج الثاني ، فحرم ذلك عليهن . قال ذلك قتادة وغيره . وقال السدي : " كان الرجل في الجاهلية إذا أراد الطلاق سأل امرأته هل بها حمل خوف أن يطلقها وهي حامل ، فتلحق ولده غيره ، فإن كانت تكرهه كتمت حملها ليطلقها ، فتلحق الولد غيره ، فحرم ذلك . وهذا القول يدفعه قوله : { وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ } بعد ذكر الطلاق ووقوعه ، فإنما ظاهر القرآن يدل على النهي أن يكتمن ذلك في العدة ليذهب حق الرجل من الرجعة ؛ إما أن تقول : " قد حضت " ، ولم تحض ، وإما أن تقول " لست بحامل " ، وهي حامل ، فَتَجْحَدُ حتى تضع فتذهب رجعته . وهذه الآية تدل على أن المرأة مؤتمنة على عدتها وحملها . ومعنى : { إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } . أي : يحجزهن إيمانهن عن فعل ذلك ، وليس ذلك يجوز أن يفعله من لا يؤمن . قوله : { وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ / بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ } . أي : أزواج المطلقات أحق بردهن في العدة إن أرادوا بالرد الإصلاح . فإن أراد المضارة ، فلا يحل له ذلك . قوله : { وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِي عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ } . أي للزوجات على الأزواج من الإحسان والصحبة الجميلة مثل ما للأزواج على الزوجات . وقيل : معناه : يتزين الرجل للمرأة كما تتزين له . روي ذلك عن ابن عباس . قوله : { وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } . أي في الميراث والجهاد والشهادة ونحو ذلك ، وأن فراقهن بيد الأزواج . وقال الشعبي : " الدرجة هو ما ساق إليها من الصداق ، وأنها إذا قذفته حُدَّتْ ، وإذا قذفها لم يُحد ، وَلاَعَنَ . وعن ابن عباس : " ( دَرَجَةٌ ) : أداء / حقها إليها ومؤنتها وتركه الواجب له عليها إحساناً " . وقيل : " الدرجة هو ما زين الله به الرجل من اللحية " . رواه عبيد بن الصباح عن حميد . وقال ابن إسحاق : " المرأة تنال من اللذة مثل ما ينال الرجل ، وله الفضل بنفقته وقيامه ، وما ساق من الصداق فهي الدرجة " .