Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 61-61)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا } الآية . لما فقدوا أطعماتهم التي كانوا يأكلون بمصر ، ولزموا شيئاً واحداً [ ملّوا وقالوا ] ذلك . ومن قال إن المن [ خُبْز الحُوّارَى ] ، كان قوله " أدنى " بمعنى أقرب . وقال عطاء ومجاهد : " الفوم : الخبز " . وقال قتادة والحسن : " الفوم : الحب الذي يختبز الناس " . وعن ابن عباس قال : " الفوم : الحنطة والخبز " . وروي عن مجاهد قال : " هو الثوم " . وهو اختيار ابن قتيبة ، وهو في مصحف ابن مسعود : " وثُومِهَا " بالثاء . فهذا يدل على أنها الثوم . وذكر ابن قتيبة : " أن الفوم : الحبوب " . والعرب تبدل الثاء [ من الفاء ] يقولون : جَدَفٌ وجَدَثٌ ، ومَغَافِيرٌ وَمَغَاثِيرٌ . [ فهذا ] يدل على أنه الثوم . وروي أن الفوم : القمح والعدس وسائر الحبوب ؛ وذلك أنهم لما سلكوا التيه مع موسى شكوا الحر ، فظلل الله عليهم الغمام يقيهم الحر ، وجعل لهم عموداً من نار بالليل يضيء لهم مكان القمر ، وأنزل الله عليهم المن والسلوى ، فيأخذون منه قوتهم للغذاء والعشاء ، فمن زاد على ذلك فسدت عليه الزيادة . وكانوا يأخذون يوم الجمعة للجمعة والسبت إذ لا يأتيهم يوم السبت ، وكانوا يخبزون المن قرصاً ، فيأكلون طعاماً مثل الشهد المعجون بالسمن . وروي أنهم نزل عليهم المن أولاً ، فملوه لحلاوته ، وسألوا لحماً فأنزل الله عليهم طيراً تجلبه عليهم ريح الجنوب ، وأمر ألا يدخروا من لحمه فخالفوا فادخروا ، فخنز عليهم وفسد . فيروى أنه لولا ذنوب بني إسرائيل ما فسد الطعام المدخر . وقيل : كانت السلوى تقع في مجالسهم كهيئة السماني ، فملوا ذلك وسألوا القمح والحبوب والبصل ، فأمروا أن يهبطوا مصر وهي الشام ، لأنهم من مصر خرجوا ، فهبطوا إلى الشام بعد انقضاء الأربعين عاماً التي عوقبوا بها في التيه لتخلفهم عن قتال الجبارين ، ولقولهم لموسى صلى الله عليه وسلم : { فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاۤ إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ } [ المائدة : 24 ] . ولم يدخل الشام أحد ممن أمر بقتال الجبارين ، بل كلهم مات في التيه ، وإنما دخلها أبناؤهم . قوله : / { قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ } . هو من قول موسى صلى الله عليه وسلم . و " أدنى " بمعنى أقرب أي أقل قيمة . وقال علي / بن سليمان : " أدنى من ذوات الهمز من قولهم : " دَنِيءٌ بَيِّنُ الدَّنَاءَةِ " ، أبدل من الهمزة ألفاً " . وقيل : معنى " أدنى " : أقرب لكم في الدنيا مما هو لكم في الآخرة ، فيكون من " دنا يدنو " . وقد قرئ بالهمز . وقال مجاهد : " أدنى بمعنى : " أَرْدَأَ " . وقيل : أصله " أدون " من الدون [ ثم قلبت ] اللام في موضع العين ، وانقلب الواو ألفا لتطرفها . قوله : { ٱهْبِطُواْ مِصْراً } . قال مجاهد وقتادة وغيرهما : " مصراً من الأمصار " . وقال أبو العالية : " مصر هي التي كان بها فرعون " . وقاله الكسائي ، وفي قراءة أُبَيّ وابن مسعود : " اهْبِطُوا مصر " بغير صرف معرفة . وقيل : هي الشام . وروى أشهب عن مالك أنه قال له : " هي مصر قريتك في رأيي ؛ هي بلاد فرعون " . قوله : { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ وَٱلْمَسْكَنَةُ } . أي فرضت ووضعت من قولهم : " ضَرَبْتُ عَلَى عَبْدِي الخَرَاجَ ، وَضَرَبَ عَلَيَّ الأَمِيرُ الخَرَاجَ " أي [ فَرَضَهُ وَوَضَعَهُ ] عَلَيَّ . وَضَرْبُ الذلةِ عليهم هو إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون . والمسكنة الخشوع والذلة . وقيل : الحاجة . وقيل : الفاقة والفقر . فلست ترى يهودياً إلا وعليه الذلة والمسكنة ، وإن كان معه قناطير الذهب والفضة . قوله : { وَبَآءُو بِغَضَبٍ } . أي : رجعوا به . وقال الضحاك : " استحقوا غضباً " . قال أبو عبيدة : " يقال بُؤْتُ بالذنب أي : احتملته ولزمني ، وتَبَوَّأتُ الدار لزمتها ، وبُؤْتُ بالشي اعترفت به ، وبَوَّأْتُ القوم منزلاً إذا أنزلتهم إلى سند جبل أو عند نهر . فالاسم المباءة " . قوله : { بِآيَاتِ ٱللَّهِ } . الآية طائفة من القرآن وجماعة / ، يقال : " جئنا بآيتِنَا " أي : بجماعتنا . وقيل : سميت آية لأنها علامة الانفصال مما قبلها . ووزن آية عند الخليل / وسيبويه : " فَعْلَةٌ " ، وأصلها " أيِيَةٌ ، فقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها وهو نادر ، لأن أصله أن تعتل اللام وتسلم العين ، فاعتلت العين وسلمت اللام . وقال الكسائي فيما حكى أبو بكر : " أصلها " آيِيَةٌ " مثل " مَاضِيَة " ، فكان يلزم الياءين الإدغام فتصير " آيَّة " مثل " دَابَّة " ، فتثقل ، فحذفوا الياء الأولى " . وقال الفراء : " أصلها فعلة ، وأصلها " آيَّة " استثقلوا التضعيف فأبدلوا الياء ألفاً كما أبدلوا في التضعيف من " دِوَّانِ " و " قِرَّاطٍ " ياءً ومثله دِنَّار " . وقد حكى غير أبي بكر عن بعض الكوفيين أن أصلها فعلة فاستثقل التضعيف فأعلت الأولى لانكسارها ، وتحرك ما قبلها فقلبت ألفاً .