Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 79-79)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَوَيْلٌ } . قال سفيان وأبو عياض : " ويل ماء يسيل من صديد في أسفل جهنم " . وروى عثمان بن عفان " عن النبي [ عليه السلام أنه قال / : الوَيْلُ ] جَبَلٌ في النَّار " . وروى عنه عليه السلام أبو سعيد الخدري أنه قال : " ويلٌ وَاد في جهنَّمَ يَهْوِي فِيهِ الكَافِرُ أرْبَعِينَ خَرِيفاً قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ قَعْرَهُ " . ومعنى " ويل " عند أهل اللغة : قبوح . وويح ترحم ، وويس تصغير . وهذه مصادر لا أفعال لها . والاختيار فيها الرفع على كل حال بالابتداء . ويجوز فيها النصب على معنى : ألزمه الله ويلاً . فإن كانت مضافة [ حسن فيها ] النصب ، قال الله تعالى : { وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُواْ } [ طه : 61 ] . فأما ما كان من المصادر جارياً على الفعل ، فالاختيار / فيه الرفع إذا كان معرفة على الابتداء نحو : الحمد . ويجوز النصب على المصدر . فإن كان نكرة ، فالاختيار في النصب على المصدر ويجوز الرفع على الابتداء ، أو على معنى ثبت ذلك له . فإن كان مضافاً لم يجز إلا النصب كالأول . قوله : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ ٱلْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ } . هم اليهود الذين غيروا التوراة وبدلوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم فيها وصفته لئلا يؤمن به العوام ، وأخذوا على ذلك الرشا . وقيل : هم قوم من اليهود كتبوا كتباً من عند أنفسهم وقالوا : هذا من عند الله ليعطوا عليها الأجر . وقال ابن عباس : " بل فعل ذلك قوم أميون لم يصدقوا رسولاً ، ولا آمنوا بكتاب فكتبوا بأيديهم للجهال كتاباً ليشتروا به ثمناً قليلاً " . قال ابن اسحاق : " كانت صفة محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة أسمر ربعة فبدلوا وكتبوا آدم طويلاً " . / وقوله تعالى : { بِأَيْدِيهِمْ } . تأكيد ليعلم أنهم تولوا ذلك بأيديهم ولم يأمروا به غيرهم . ففي الإتيان بلفظ " الأيدي " زوال الاحتمال ، إذ لو قال : " يكتبون الكتاب " لجاز أن يأمروا بكتابته وأن يتولوا ذلك بأنفسهم لأن العرب تقول : " كَتَبْتُ إلى فلان " ، وإنما أمر من كتبه له " وكتب السلطانُ كتاباً إلى عامله " ولم يكتبه بيده ، وإنما أمر من كتبه له . ففي ذكر " الأيدي رفع الاحتمال وبيان أنهم تولوا ذلك بأيديهم عن تعمد منهم . وقال ابن عباس : " هذا ، كما تقول : حملتُ إلى بلد كذا قمحاً ، وإنما أمرت من حمله " . وقال تعالى في التابوت : { تَحْمِلُهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ } [ البقرة : 248 ] وإنما حمل بأمر الملائكة ، ولم تحمله الملائكة [ بأنفسها ولا ظهرت ] للقوم في ذلك الوقت . ومن هذا قوله تعالى : { يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم } [ آل عمران : 167 ] . إنما أكد بذكر الأفواه لأن القول قد يترجم به عن الإشارة وعن الكتاب . تقول العرب : " قال الأمير كذا " للفظ سمعه من كتاب أمر بكتابته الأمير . وقريب منه قوله تعالى : { فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِٱلْيَمِينِ } [ الصافات : 93 ] لأن اليمين تدل في كلام العرب على الشدة والقوة والبطش ، فدل بذكر اليمين على شدة الضرب . ولو لم يذكر اليمين لجاز أن يكون ضرباً شديداً أو غير شديد فذكر اليمين يرفع الاحتمال ويدل على الشدة . ومن ذلك قوله تعالى : { يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ } [ الأنعام : 38 ] ومنه : { وَلَـٰكِن تَعْمَىٰ ٱلْقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ } [ الحج : 46 ] .