Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 152-152)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } الآية . أعلم الله عز وجل المؤمنين أنه قد صدقهم وعده الذي أتاهم على لسان نبيه ، وهو قوله للرماة بأحد : اثبتوا مكانكم ولا تبرحوا ، وإن رأيتمونا هزمناهم ، فإن لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم ، ووعدهم بالنصر إن انتهوا إلى أمره . وقال لمن معه غير الرماة : إذا هزمناهم فلا تتبعوهم فقام الرماة بأصل الجبل . ثم إن طلحة بن عثمان صاحب لواء المشركين قام فقال : يا معشر أصحاب محمد ، إنكم تزعمون أن الله تعالى يعجلنا بسيوفكم إلى النار ، ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة ، فهل منكم من أحد يعجله الله بسيفي إلى الجنة ، أو يعجلني بسيفه إلى النار ، فقام إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى يعجلك الله بسيفي إلى النار ، أو يعجلني بسيفك إلى الجنة ، فضربه علي فقطع رجله فسقط ، وانكشفت عورته فقال : أنشدك الله والرحم ابن عم ، فتركه وكبّر النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال لعلي أصحابه : ما منعك أن تجيز عليه ؟ فقال : إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته ، فاستحييت منه ، [ ثم شد الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود على المشركين فهزمهم ، وحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهزموا أبا سفيان ، فلما رأى ذلك خالد بن الوليد وهو على خيل المشركين حمل فرمته الرماة فانقمع ، ثم أيقن الرماة بأن المشركين انهزموا ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ وأصحابه ] ينهبونهم ، فلحق أكثرهم بالعسكر من نهب وثبت [ الأقل ] لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم . فلما رأى خالد بن الوليد قلة الرماة صاح في خيله ، ثم حمل على من بقي من الرماة فقتلهم ، وحمل على أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فلما رأى المشركون خيلهم تقاتل تراجعوا فشدوا على المسلمين فهزموهم ، وقتلوا وجرحوا فأصيب من المسلمين سبعون رجلاً ، وكان أبو سفيان أقبل إلى المدينة في ثلاث خلون من شوال ، فنزل بأحد ، وكانوا في ثلاثة آلاف معهم مائتا فارس ، فخرج إليهم النبي صلى الله عليه وسلم [ في سبعمائة رجل ، فمعنى : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ } أي : الذي وعدكم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ] من النصر إذا ثبت الرماة حق ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم [ أنهم ] سيهزمون المشركين ، فكان ما أخبرهم الله تعالى على لسان نبيهم صلى الله عليه وسلم حق ، فهو الوعد الذي صدقهم الله تعالى . فلما ( فشلتم وتنازعتم وعصيتم ) طلباً للغنيمة يعني ما فعله الرماة والذين اتبعوا الهزيمة { بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ } وهو هزيمة المشركين . ومعنى { إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ } أي : تقتلونهم بعلمه ، والحس : القتل الذريع وذلك في أول الهزيمة التي كانت على المشركين قبل أن يزول الرماة من مكانهم . وقيل : بإذنه بحكمه . وقيل : بتسليطه إياكم عليهم . ومعنى : { وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ } هو اختلاف الرماة قال قائلون : نمضي للغنيمة . وقال آخرون : لا نبرح ولا نخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضى الأكثر وكان ذلك سبب قتل من بقي . ومعنى : { فَشِلْتُمْ } جبنتم ، وتخاذلتم ، وعصيتم النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمركم به وقد كان الله تعالى : صدقكم وعده الذي أخبركم به نبيكم صلى الله عليه وسلم { أَرَاكُمْ مَّا تُحِبُّونَ } من النصر إذ هزم عدوكم ولكنكم اخترتم الدنيا وهي الغنيمة . قال مالك : لما نزلت يوم أحد : { مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ } قال عبد الله بن مسعود : والذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق ما ظننت أن فينا أحداً يريد الدنيا . ومعنى : { مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا } أي : يريد الغنيمة ، وأخذ الأموال وقوله : { ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ } أي : ثم صرفكم أيها المؤمنون عن المشركين بعد أن استوليتم عليهم ، ورأيتم ما تحبون من هزيمتهم ، وقتل صاحب رايتهم فعل ذلك بكم { لِيَبْتَلِيَكُمْ } أي يختبركم { وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ } هذا لمن عصى من الرماة خاصة . وقال ابن جريج : معنى { وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ } إذ لم يستأصلكم بالقتل ، وقاله غيره .