Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 180-180)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } الآية . من قرأ بالياء فالذين فاعلون ، والمفعول الأول محذوف دل عليه يبخلون و " خبراً " مفعول ثان ، والتقدير ولا يحسبن الباخلون [ البخل ] هو خير لهم ، وهو فاصلة عند البصريين ، وعماد عند الكوفيين ، ودل يبخلون على البخل ، لأنه منه أخذ . ومن قرأ بالتاء ففي الكلام حذف مضاف دل عليه ما يتصل بالمضاف إليه ، تقديره ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيراً لهم ، فخيراً مفعول ثان ، وبخل مفعول أول ، ومعنى الآية : ولا يحسبن الباخلون ولا ينفقون في سبيل الله : البخل خيراً لهم بل هو شر لهم في الآخرة . [ ومن قرأ بالتاء فهو خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمعنى : ولا تحسبن يا محمد بخل الباخلين عن الإنفاق في سبيل الله خيراً لهم بل هو شر لهم في الآخرة ] . وقيل : عنى بذلك الزكاة وهو إخبار عمن لم يؤد الزكاة . وقيل : إخبار عن اليهود الذين بخلوا أن يبينوا للناس ما نزل عليهم من التوراة من أمر النبي صلى الله عليه وسلم قاله ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهما . { سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } أي : سيجعل ما بخل به المانعون الزكاة طوقاً من نار في أعناقهم يوم القيامة أي : كهيأة الطير ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من ذي رحم يأتي [ ذا ] رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله إياه ، فيبخل عليه إلا أُخرج [ له ] يوم القيامة شجاع من النار يتلبط حتى يطوقه " وقرأ { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } الآية " وقال ابن مسعود رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مُثّل له شجاع أقرع يطوقه " ثم قرأ { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } الآية . قال الشعبي : { سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } قال : شجاع يلتوي على عنقه . وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثِّل له ماله يوم القيامة شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة يأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - يقول له : أنا مالك ، أنا كنزك ، ثم تلا هذه الآية { وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ } " . وقيل : يجعل الذي بخلوا به طوقاً من نار في أعناقهم . وقال أبو وائل : هو الرجل يرزقه الله مالاً فيمنع منه قرابته الحق الذي جعل الله لهم في ماله ، فيُجعل حية يطوقها ، فيقول : ما لي ولك ؟ فيقول : أنا مالك . وقال مجاهد : { سَيُطَوَّقُونَ } سيكلفون أن يأتوا يوم القيامة بمثل الذي بخلوا به . وقيل : المعنى سيطوقون جزاء ما بخلوا به وعقاب ما بخلوا به . والتطوق : إلزام الله تعالى لهم ذلك ، ومنعهم من التخلص منه . وقيل : المعنى سيكلفون يوم القيامة إحضار الأموال التي بخلوا بها ، وهم لذلك غير مستطيعين ، قاله ابن مجاهد وغيره . وقيل : المعنى : سيطوق اليهود ثم الذين بخلوا [ به ] ، هو صفة محمد صلى الله عليه وسلم ، والنبوة فيه كتموا ذلك ، وهو عندهم في كتابهم . قوله { وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أعلم الله الخلق في هذه الآية أنهم سيفنون كلهم ، فصار ما بقي بعدهم بمنزلة الميراث الذي يبقى بعد الميت فسماه ميراثاً على ذلك ، وإلا فكل شيء له ، أولاً وآخراً ، ولكن سماه هنا ميراثاً إعلاماً منه أنهم سيفنون ، وأن الأمور كلها ترجع إليه ، والعرب تسمي كل ما بقي في يد الإنسان ، فصار إلى غيره بعد موته : ميراثاً ، فخوطبوا على ما يعقلون ولذلك قال ( وهو خير الوارثين ) .