Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 73-73)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } الآية . قال المبرد : فيها تقديم وتأخير ، وتقديرها عنده : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم أن يؤتى مثلما أوتيتم { أَوْ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } وقيل تقديرها : ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثلما أوتيتم إلا لمن تبع [ دينكم ] واللام زائدة . ومعنى ذلك أنهم قالوا لضعفائهم : لا تصدقوا أن يؤتى أحد مثلما أوتيتم من علم ورسالة وشرف ، إلا لمن تبع دينكم ، فصدقوا أن يؤتى مثلما أوتيتم . وقيل معناها على هذا التقدير : ولا تصدقوا أن تكون الرسالة إلا فيكم . وقيل : تقديرها قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثلما أوتيتم أي كراهة أن يؤتى كأنه بعد أن يؤتى اليهود مثلما أوتي المؤمنون ، فتكون على هذا المخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم وأمته . وقرأ ابن عباس ومجاهد وعيسى بن عمرو ، وابن كثير أن يؤتى بالاستفهام معناه أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولا يؤمنون ؟ مثل { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ * إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ القلم : 14 - 15 ] أي : من أجل هذا قال كذا وكذا . وقرأ الأعمش ( إن يؤتي بكسر إن فجعلها بمعنى " ما " على معنى ما يؤتى أحد مثلما أوتيتم . وقد زعم قوم أنه لحن لحذف النون من يحاجوكم وليس هو لحن عند أهل النظر لأن ( أن ) تضمر مع أو ، فهي مضمرة ناصبة للفعل ، ومن جعل في الكلام تقديماً وتأخيراً فاللام زائدة ، ومن في موضع نصب استثناء ليس من الأول . ومن قدر الآية على وجهها ، ولم يقدر تقديماً ولا تأخيراً جعل اللام أيضاً زائدة أو متعلقة بمصدر ، كأنه : لا تجعل تصديقكم إلا لمن تبع دينكم بأن يؤتى أحد . وقال الفراء : يجوز أن يكون قد انقطع كلام اليهود عند قوله " دينكم " ثم قال لمحمد صلى الله عليه وسلم : { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } أي : البيان بيان الله { أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ } ، أو : لا يؤتى أحد ، " وإن عنده بمعنى لا ، ولذلك دخلت " أحد " في الكلام عنده . وقوله : { ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } معناه : الهدى إلى الخير بيد الله يؤتيه من يشاء ، فلا تتنكروا أيها اليهود أن يؤتى أحد سواكم مثلما أوتيتم ، فإن أنكروا وهو معنى " يحاجوكم عند ربكم " فقل يا محمد : { إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } . وقال الأخفش : { أَوْ يُحَآجُّوكُمْ } معطوف على { تُؤْمِنُوۤاْ } معناه ولا تصدقوا أن يحاجوكم ، أي : قالت اليهود لضعفائها : لا تصدقوا بأن يحاجوكم أحد عند ربكم فيما أنكرتم من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم . وقال الفراء : أو بمعنى حتى ( و ) إلا : أن . وقال مجاهد : { قُلْ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ هُدَى ٱللَّهِ } اعتراض في الكلام وسائر الكلام متصل . فالأول خبر عن اليهود ومعناه { وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ } ، ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثلما أتيتم ، ولا تؤمنوا أن يحاجوكم عند ربكم ، أي : ليس يحاجوكم أحد عند ربكم ثم قال تعالى بعد ذلك : قل يا محمد : { إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ } " . وقوله { أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ } . قيل : هو إخبار عما قالت اليهود لضعفائها ، أي : لا تكون النبوة إلا فيكم . وقيل معناه : لا يكون العلم والشرف إلا فيكم . وقيل : هو إخبار من الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم معناه : لا يؤتي أحد من الأمم مثلما أوتيت يا محمد وأمتك من الإسلام والهدى ، وهذا قول السدي . ومعنى : { أَوْ يُحَآجُّوكُمْ } إلا أن يحاجوكم ، وهذا التأويل لا اعتراض فيه ، ولا تقديم ولا تأخير ، وأن في موضع رفع خبر عن الهدى ، والتأويل الأول يقع فيه التقديم والتأخير وأن في موضع نصب على ما ذكرنا ، وذلك حسداً ، قالوا لضعفائهم من اليهود : لا يكون نبي مثل نبيكم ولا كتاب مثل كتابكم . وقال الزجاج : معنى الآية : أن اليهود قالت لا تجعلوا تصديقكم لنبي في شيء مما جاء به إلا اليهود ، ولا تقولوه للمشركين ، فإن ذلك إن قلتموه لهم كان عوناً لهم على تصديقه . وقال أكثر المفسرين : معناه لا تصدقوا أن يعطى أحد مثلما أوتيتم من علم ، ولا تصدقوا أن يحاجوكم أحد : لا يكونوا لأحد حجة عند الله إلا من كان مثلكم .