Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 142-143)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } الآية . معنى الآية أن المنافقين يخادعون الله بإحرازهم لإيمانهم دماءهم وأموالهم ، { وَهُوَ خَادِعُهُمْ } هو ما حكم فيهم من منع دمائهم وأموالهم بما ظهر من إيمانهم مع علمه بباطن اعتقادهم استدراجاً للانتقام منهم في الآخرة . وقال السدي : { وَهُوَ خَادِعُهُمْ } يعطيهم الله يوم القيامة نوراً يمشون به مع المؤمنين كما كان معهم في الدنيا إيمان يمنع من دمائهم ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه ، فيقومون في ظلمتهم ويضرب بينهم بسور . وقال ابن جريج : إخداع الله لهم هو ما ذكر من قولهم { ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } [ الحديد : 13 ] . وقال الحسن : يلقى على كل مؤمن ومنافق نور يمشون به حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفئ نور المنافقين ومضى المؤمنون بنورهم فينادونهم { ٱنظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ } ألم نكن معكم في المسجد والحج والغزو ؟ { قَالُواْ بَلَىٰ وَلَـٰكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ } باعتقادكم خلاف ما أظهرتم { وَتَرَبَّصْتُمْ } عن التوبة { وَٱرْتَبْتُمْ } أي : شككتم في رسول الله صلى الله عليه وسلم وثواب الله عز وجل وعقابه سبحانه . قال الحسن : فتلك خديعة الله إياهم . وقيل : المعنى : يُخادعون أولياء الله وهو أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون { وَهُوَ خَادِعُهُمْ } أي معاقبهم ، وسمي الثاني خداعاً لأنه مجازاة للأول ، وقيل : لازدواج الكلام . وقيل : معنى : { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } أي نبيه صلى الله عليه وسلم لأن من خادع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد خادع الله سبحانه كما قال { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ } [ الفتح : 10 ] . قوله : { وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ } الآية . هذا إعلام من الله تعالى أن المنافقين لا يعملون شيئاً من الفروض إلا رياء ، وإبقاء على [ أنفسهم ، فهم إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى ، إذ ليست عندهم بفرض . إنما يقومون للناس ] رياء إذ لا يرجون ثواباً ، ولا يخافون عقاباً . ثم يقال : { وَلاَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً } أي إلا ذكراً قليلاً . والمعنى : أنهم يذكرون الله رياء لا ذكر مؤمن موقن بتوحيد الله عز وجل فلذلك سمي قليلاً ، إذ هو غير مقصود به الله سبحانه ، وما عنده تعالى ، فمن أجل هذا وصف بالقلة ، مع أنه ليس في ذكر الله عز وجل قليل ، إنما قل من أجل اعتقادهم لا من أجل قلة ذكرهم . قال الحسن : إنما قل لأنه كان لغير الله سبحانه . وقال علي رضي الله عنه : ما قل عمل مع تقوى ، وكيف يقل ما يتقبل ! يريد قوله { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ المائدة : 27 ] فمن تقبل شيء من عمله ، فهو من المتقين ، ومن كان من المتقين فهو من أهل الجنة ، يقول الله : { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ } [ القمر : 54 ] . قوله : { مُّذَبْذَبِينَ } أي : متحيرين في دينهم مضطربين ، وأصل التذبذب التحرك والاضطراب ، فهم يتحيرون في دينهم لا مع المؤمنين على بصيرة ، ولا مع المشركين على جهالة ، فهم حيارى . قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة ، وإلى هذه مرة ولا تدري لأيهما تتبع " . قال قتادة : ليسوا بمؤمنين مخلصين ، ولا مشركين مصرحين . وقيل : إلى المؤمنين ولا [ إلى ] أهل الكتاب { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ } أي : ومن يخذله الله { فَلَن تَجِدَ لَهُ } يا محمد { سَبِيلاً } أي : طريقاً يسلكه إلى الحق .