Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-1)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ } [ الآية ] . قوله : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } يدل على أن الخنثى لا بد أن يكون رجلاً أو امرأة ، إذ لم يخلق الله عز وجل من ظهر آدم صلى الله عليه وسلم إلاّ رجلاً أو امرأة لا ثالث . ومن قرأ " الأرحام " بالخفض ، فهو غير جائز عند البصريين ، وقبيح عند الكوفيين ، لأنه عطف ظاهر على مضمر مخفوض . وقد قيل : إن الخفض على القسم ، وقد قيل : إن المعنى وربّ الأرحام . وفي واحد الأرحام لغات : رَحِمٌ ورِحِمٌ ، ورَحْمٌ [ ورِحْمٌ ] . والرحم مؤنثة ، ومعنى الآية : أن الله تعالى نبّه خلقه على قدرته وأمرهم بتقواه ، والنفس هنا : آدم صلى الله عليه وسلم . [ وقوله ] : { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } الآية . قال مجاهد : خلق حواء عن قصيري آدم وهو نائم ، استيقظ فقال " أثا " بالنبطية : امرأة . قال السدي : أُسكِنَ آدم الجنة فكان يمشي فيها وحيشاً ليس له زوج يسكن إليها ، فنام نومة فاستيقظ ، فإذا عند رأسه امرأة قاعدة ، خلقها الله تعالى من ضلعه ، فسألها : من أنت ؟ فقالت : امرأة ، قال : ولم خُلقتِ ؟ قالت : لتسكن إليّ . قال ابن إسحاق : ألقى الله عز وجل على آدم السنة فنام فأخذ ضلعاً من أضلاعه من شقّه الأيسر ، ولأم مكانه لحماً ، فخلق منه حواء ليسكن إليها ، فلما انتبه رآها إلى جنبه فقال : لحمي ودمي ، وزوجي ، فسكن إليها . وعن ابن عباس أنه قال : إن الله جلّ ذكره خلق آدم صلى الله عليه وسلم بيده سبحانه وتعالى في جنات عدن ، فرأى آدم صلى الله عليه وسلم كل شيء يشبه بعضه بعضاً ، ولم يرَ في الجنة شيئاً يشبهه ، وأحبّ أن يكون معه من يشبهه ليأنس به ، وأحبّ الله عز وجل أن يؤنسه بزوجته ليكون منهما النسل ، فأسبته الله عز وجل ، والجنة لا نوم فيها ، ولا نعاس ولا سبات ، فخلق حواء من ضلع من أضلاعه وهي : القصيري فلما ذهب عنه السبات رأى من يأنس به ، ويشبهه فسمي إنساناً حيث أنس ، فقال لها : ما أنت ؟ قالت : أثا ، وأثا بالسريانية أنثى ، وقيل : معناه امرأة . قال جماعة من المفسرين : لما خلق الله عز وجل ( وتعالى ) آدم صلى الله عليه وسلم ، ألقى عليه النوم ، فلما نام خلق حواء من أحد أضلاعه ، وهو لا يشعر ولا يألم ، فلما انتبه فرآها قال : من هذه ؟ قيل : هي زوجك ، فعطف عليها ، وأحبّها ولو ألِم لخلْقها لم يحنُ عليها ، ولم يعطف أبداً ، وإنما سمّيت حواء لأنها خلقت من حي . قال ابن عباس : خلق الرجل من الأرض فجعلت همّته في الأرض ، وخلقت المرأة من الرجل فجعلت همّتها في الرجل ، فاحبسوا نساءكم . قوله : { وَبَثَّ مِنْهُمَا [ رِجَالاً ] } أي : نشر من آدم وحواء خلقاً كثيراً . ومعنى { تَسَآءَلُونَ } أي : اتقوا الله الذي إذا سأل بعضكم بعضاً سأل به وجعله وسيلة ، يقول السائل أسألك بالله ، أنشدك بالله وشبهه ، فكما تعظمونه بألسنتكم ، عظّموه بالطاعة فيما أمركم به ونهاكم عنه . وقال الضحّاك : { تَسَآءَلُونَ بِهِ } أي تعاقدون به ، وتعاهدون به . وقال ابن عباس : { تَسَآءَلُونَ بِهِ } فتتعاطفون به . { وَٱلأَرْحَامَ } أي اتقوا الأرحام ، هذا على قراءة من قرأ بالنصب . ومن قرأ بالخفض . فمعناه : تساءلون به وبالأرحام ( تقولون أسألك بالله وبالرحم ) . قال ابن عباس والمعنى : واتقوا الله في الأرحام فصلوها . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } أي : حفيظاً محصياً لأعمالكم ومجازيكم عليها . قال يعقوب : الوقف { تَسَآءَلُونَ بِهِ } على قراءة النصب و " الأرحام " على قراءة الخفض .