Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 6-6)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ } الآية . والمعنى اختبروهم في عقولهم وصلاحهم ، وتثمير أموالهم وذلك بعد الاحتلام { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ } الرشد { فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } . وقد قال أبو حنيفة : لا حجر على بالغ . وعامة الفقهاء على خلافه . ومعنى { إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ } أي الحلم ، قاله ابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد ، ومعنى { آنَسْتُمْ } وجدتم وعلمتم وأحسستم منهم الرشد ، وأصل آنست في قول القتبي : أبصرت ، والرشد هنا العقل والصلاح في الدين . وقيل : الرشد : الصلاح في الدين والمال ، وقال مجاهد : الرشد هنا العقل . { فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } هذا كلام يدل [ على ] أن الآية في المُولى عليهم من يتامى الصبيان الإناث والذكور ، وقال الحسن : رشداً في أموالهم وصلاحاً في دينهم . قال زيد بن أسلم : وذلك بعد الاحتلام . قوله : { وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً } أي : لا تأكلوا أموال اليتامى بغير ما أباح الله عز وجل . وقيل : لا تسرفوا في أكلها ، والإسراف في كلام العرب تجاوز الحد المباح إلى غيره بنقص أو زيادة ، وهي في الزيادة أكثر إسرافاً . يقال سَرِفَ يَسْرَفُ ، ويقال مررت بكم فَسَرَفْتُكم أي : فسهوت عنكم وأخطأتكم . وقوله : { بِدَاراً } أي : مبادرة أن يكبروا ، وهو مصدر بادرت . أي : لا تأكلوها مبادرة منكم ( بلوغهم وإيناس الرشد منهم فيأكلوها لئلاّ يرشدوا فيأخذوها منكم ) . قوله : { وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ } أي : عن أموال اليتامى بماله . { وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ } أي : يستقرض من مال يتيمه ، ثم يؤديه إذا أيسر ، قاله عمر رضي الله عنه وابن جبير وعبيدة وأبو العالية . وروي أن ابن عباس والشعبي وغيرهم : أن له أن يأكل منه إذا احتاج قرضاً ويؤديه إذا أيسر مثلما أكل . وقال السدي : إذا كان الولي فقيراً أكل من يتيمه بأطراف أصابعه ، ولا قضاء عليه ، وقاله الشعبي ، وروي مثله عن ابن عباس بأنه لا قضاء عليه . وعن عائشة : إنّ الوصي يأكل من مال اليتيم مكان قيامه عليه إذا كان فقيراً ( أكل بالمعروف ، ولم يذكر قرضاً ولا رداً وقال النخعي إذا كان الولي فقيراً ) أخذ من مال يتيمه ما يسدّ به جوعته ويستر عورته ، ولم تذكر قضاء . وقال عطاء : يأكل إذا افتقر ولا قضاء . وقال ابن زيد : يأكل إذا احتاج لقيامه عليهم وحفظه لأموالهم ولا قضاء عليه . وقيل : المعنى أكل الولي مع اليتيم هو في التمر وشرب رسل الماشية خاصة دون غيره ، ولا قضاء عليه ، وقد توقف بعض أهل العلم فيها وقال : لا أدري لعلها منسوخة بقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَٰمَىٰ ظُلْماً } [ النساء : 10 ] الآية . قال أبو حنيفة : لا يأكل معه شيئاً إلاّ أن يسافر من أجله فيأخذ القوت . وقد روي عن ابن عباس أنه قال { فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ } : يقوت نفسه يعني من مال نفسه حتى لا يحتاج إلى مال يتيمه . وهذا مختار عند العلماء ، وحكى معناه الشافعي . وقال نافع بن أبي نعيم : سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قول الله عز وجل : { وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ } فقال : أنفق عليه بقدر فقره ، وإن كان غنياً أنفق عليه بقدر غناه ، ولم يكن للولي منه شيء . ثم أمر الله تعالى الأولياء بالإشهاد على اليتامى إذا رشدوا ودفعوا إليهم أموالهم فقال : { فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً } الآية . أي : كافياً من الشهود الذين يشهدون على القبض ، ونصب ( حسيباً ) على الحال .