Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 88-88)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } الآية . هذه الآية نزلت في الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، رجعوا إلى المدينة ، وقالوا لأصحاب النبي عليه السلام : { لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ } [ آل عمران : 167 ] فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين فرقة تقول : نقتلهم ، وفرقة تقول : لا ، فنزلت : { فَمَا لَكُمْ فِي ٱلْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ } أي : فرقتين { وَٱللَّهُ أَرْكَسَهُمْ } أي : ردهم إلى أحكام أهل الشرك في إباحة دمائهم ، وذلك بما كسبوا من خلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال مجاهد وغيره : نزلت في قوم أتوا مكة : زعموا أنهم مهاجرون ، ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم ، فاختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ففرقة تقول : إنهم منافقون ، وفرقة تقول : هم مؤمنون ، فأنزل الله الآية . وقيل : نزلت في قوم قدموا المدينة مسلمين فأقاموا ما شاء الله ، ثم استوخموا المدينة ، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا إلى البادية ، فأذن لهم ، فتكلم الناس فيهم ، واختلفوا في نفاقهم وإيمانهم فأعلمهم الله بنفاقهم وأعلمهم أنه أركسهم بما كسبوا من المعاصي : أركسهم في النفاق بذنوبهم . وقيل : { أَرْكَسَهُمْ } معناه أضلهم . ثم قال مخبراً عنهم { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ } فدل على أنهم ارتدوا ، وأن النفاق كفر ، وقوله تعالى { فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } يدل على أنهم قوم كانوا بمكة يَدَّعون الإيمان ، وليسوا بمؤمنين وهو قول ابن عباس وعمر وغيرهما . وقيل : إنهم لما خرجوا يريدون البادية مضوا إلى مكة فاختلف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أمرهم ، فأوضح الله عز وجل خبرهم ، وحكمهم في هذه الآية . وقال معمر : كتب ناس من أهل مكة إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون لهم : إنهم قد أسلموا ، وكان ذلك منهم كذباً ، فلقيهم المسلمون بعد ذلك ، فاختلفوا فيهم ، فقالت طائفة : دماؤهم حلال ، وقالت طائفة : دماؤهم حرام فأنزل الله الآية ، وهم ناس لم يهاجروا وأقاموا بمكة ، وأعلنوا الإيمان فاختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم . وقال ابن عباد : هم قوم كانوا بمكة فكلموا بالإسلام وكانوا يعاونون المشركين على المسلمين فخرجوا من مكة في حاجة ، فاختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية . وقال ابن زيد : هذا نزل في شأن ابن أبي حين تكلم في عائشة بما تكلم به . وأركسهم : ردهم ، وقيل : أوقعهم وقيل : أضلهم وأهلكهم . وقال القتبي : أركسهم نكسهم وردهم في كفرهم ، ، وحكى الفراء أركسهم وركسهم بمعنى ردهم إلى الكفر . قوله : { أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ } الآية . هذا تبعيد لهدي من أضل الله { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً } أي : طريقاً مستقيماً ، وقيل : سبيلاً إلى الحجة .