Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 41, Ayat: 45-51)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى ٱلْكِتَابَ فَٱخْتُلِفَ فِيهِ } - إلى قوله - { فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ } . والمعنى : ولقد أعطينا موسى التوراة كما آتيناك يا محمد القرآن فاختلف بنو إسرائيل في العمل بما في التوراة كما اختلف قومك في الإيمان بما جئتم به . { وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ } يا محمد فيمن كفر ( بك ، وهو أنه تقدم في علمه وقضائه تأخير عذابهم إلى يوم القيامة . { لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي لجاءهم العذاب فيفصل بينهم فيما اختلفوا فيه فيهلك المبطلين ، وينجي المؤمنين . قال السدي : أخروا إلى يوم القيامة . قال الزجاج : " الكلمة : وعدهم بالساعة ، قال ( الله تعالى { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ } [ القمر : 46 ] " . ثم قال تعالى : { وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ } ، أي : وإن الفريق المبطل منهم لفي ( شك مما قالوا ) فيه مريب يريبهم قولهم فيه ، لأنهم قالوه بغير ثبت وإنما قالوه ظناً . ثم قال تعالى : { مَّنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَآءَ فَعَلَيْهَا } ، أي : من عمل صالحاً في هذه الدنيا فلنفسه عمل لأنه يستوجب من الله في الميعاد الجنة والنجاة من النار ، ومن عمل بمعاصي الله ( فعلى نفسه جنى ) لأنه أكسبها بذلك سخط الله . ثم قال تعالى : { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي : وما ربك يا محمد يحمل ذنب مذنب على غير مكتسب بل لا يعاقب أحداً إلا على جرمه . ثم قال تعالى : { إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ } ، ( أي : إلى الله يرد العالمون به علم الساعة ) ، لأنه لا يعرف متى قيامها غيره . ثم قال تعالى : { وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا } ، أي : ( وما يظهر ) من ثمرة ( الشجرة من الموضع ) الذي هي مغيبة فيه إلا بعلمه . قال السدي : من أكمامها : من طلعها . قال المبرد : هو ما يغطيها . وواحد الأكمام . كم . ومن قال في الجمع أكمة قال في الواحد كمام . ثم قال تعالى : { وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ } ، ( أي : ما تحمل من ولد حين تحمل ، ولا تضع حملها حين تضع إلا بعلمه ) ، فلا شيء يخفى عليه من جميع أمور خلقه . ثم قال تعالى : { وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي } ، أي : واذكر يا محمد يوم ينادي الله عز وجل هؤلاء المشركين فيقول لهم أين شركائي الذين كنتم تشركونهم في عبادتي ؟ والمعنى : أين شركائي على قولكم . ثم قال تعالى : { قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ } ، أي : أجابوه عن سؤاله لهم ، فقالوا : أعلمناك ما منا من شهيد أن لك شريكاً . ثم قال تعالى : { وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَدْعُونَ مِن قَبْلُ } ، أي : وضل عن هؤلاء المشركين يوم القيامة آلهتهم التي كانوا يدعونها في الدنيا فأخذ بها عن طريقتهم فلم تدفع عنهم شيئاً من عذاب الله سبحانه . ثم قال تعالى : { وَظَنُّواْ مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ } ، أي : وأيقنوا أنه لا محيص لهم من عذاب الله عز وجل ولا ملجأ منه جلت عظمته . قال أبو عبيدة : يقال : حاص يحيص إذا حاد . وقيل : " المحيص : المذهب الذي ترجى فيه النجاة " . وأجاز أبو حاتم الوقف على " وظنوا " يجعل الظن بمعنى الكذب ، أي : قالوا : آذاناك ما منا من شهيد ، وكذبوا في قولهم ، بل كانوا يدعون أن له شريكاً . تعالى الله عن ذلك . والوقف عند غيره على " محيص " لأن المعنى : وأيقنوا أنه لا ينفعهم الفرار . ثم قال تعالى { لاَّ يَسْأَمُ ٱلإِنْسَانُ مِن دُعَآءِ ٱلْخَيْرِ } ، أي ، لا يسأم الكافر من دعائه بالخير ومسألته إياه ربه عز وجل . والخير هنا : المال وصحة الجسم ، ( فهو لا يمل ) من طلب ذلك والاستزادة منه . { وَإِن مَّسَّهُ ٱلشَّرُّ } ، أي : ضر في نفسه أو جهد في معيشته . { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } ، أي : فهو يئوس من روح الله عز وجل وفرجه ، قنوط من رحمته ، أي : لا يؤمل أن يكشف عنه ذلك . ويقال : إن هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة . وفيه نزلت { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا } - الآية إلى قوله - { لَلْحُسْنَىٰ } وقيل نزل ذلك كل في عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة وأمية بن خلف من كفار قريش . وقال السدي وغيره : الإنسان هنا : الكافر . وفي قراءة عبد الله " من دعاء بالخير " . ثم قال تعالى جل ذكره : { وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِّنَّا مِن بَعْدِ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَـٰذَا لِي } ، أي : ولئن كشفنا عنه الشر الذي نزل به ليقولن هذا لي عند الله لأن الله راض عني وعن عملي . قال مجاهد : " ليقولن هذا لي ، أي : بعملي . فأنا محقوق بهذا " . { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةً } : شك الكافر في قيام الساعة . ثم قال : { وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّيۤ إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ } ، أي : إن كان ثم بعث وحشر - على طريق الشك - فلي الحسنى عند ربي ، أي : لي عنده - إن حشرت بعد موتي - غنى ومال . فالمعنى أنه قال : لست أؤمن بالبعث ولا أصدق به ، فإن كان الأمر على خلاف ذلك وبعثت بعد موتي ، فلي عند ربي مال وغنى أقدم عليه . ثم قال تعالى { فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِمَا عَمِلُواْ } ، أي : فلنخبرنهم بما قصوا / من ( الأباطيل وما عملوا من المعاصي ) . { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ } على فعلهم وهو النار ، والخلود فيها ، لا يموتون ( ولا يحيون ) . ثم قال تعالى : { وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى ٱلإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ } ، أي : وإذا كشفنا الضر والضيق عن الكافر أعرض عن ما جاءه من عند الله عز وجل ولم يؤمن به وبعد من الإجابة إلى ما دعي إليه . ومعنى " بجانبه " : قال السدي : أعرض : صد بوجهه ، ونأى بجانبه : تباعد عن القبول . ثم قال : { وَإِذَا مَسَّهُ ٱلشَّرُّ فَذُو دُعَآءٍ عَرِيضٍ } ، أي : وإذا مسه الضر والفقر والجهد ونحوه فهو ذو دعاء ( كثير إلى ربه . فإن الرجل إذا كان في نعمة تباعد عن ذكر الله ودعائه ، فاذا مسه الشر فهو ذو دعاء ) عريض ، أي كثير .