Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 87-87)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ } الآية . ( معنى الآية ) : أن الله أباح أكل الطيبات التي تشتهيها الأنفس ، وألا يحرمها أحد على نفسه ، ثم نهاهم عن الاعتداء ، وهو تعدي الحدود التي ( قد ) حرمت . وهذه [ الآية ] " نزلت في أبي بكر وعمر ( وعثمان ) وعلي وابن مسعود وغيرهم ، اجتمعوا في ( دار ) عثمان بن مظعون على أن يَجُبُّوا أنفسهم ، وأن يعتزلوا النساء ، ولا يأكلوا لحماً ولا دسماً وأن يلبسوا المسوح ، ولا يأكلوا من الطعام إلا القوت ، وأن يسيحوا في الأرض / كهيئة الرهبان ، فبلغ ذلك النبي عليه السلام ، فأتى عثمان بن مظعون في منزله فلم يجده ولا [ إياهم ] ، فقال لامرأة عثمان أحقّ ما بلغني عن زوجك وأصحابه ؟ ، فقالت : ما هو يا رسول الله ؟ ، فأخبرها ، فكرهت أن تكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكرهت أن تبدي على زوجها ، فقالت : يا رسول الله ، إن كان عثمان أخبرك فقد صدقك ، فقال لها : [ قولي ] لزوجك وأصحابه - إذا رجعوا - : إن رسول الله يقول لكم : إني آكل وأشرب ، وآكل اللحم والدسم ، وأنام وأصلي ، وآتي النساء ، وأصوم وأفطر ، فمن رغب عن سنتي فليس مني . ثم انصرف . فلما رجع عثمان وأصحابه أخبرتهم امرأته بما أمرها ( به ) رسول الله ، فجاء عثمان إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله [ حَدَّثَتْني ] نفسي فلم أحب أن أحدث شيئاً حتى أذكر لك ، فقال ( له النبي صلى الله عليه وسلم : ( و ) ما تحدثك به نفسك يا عثمان ؟ ، قال : تحدثني أن أختصي . قال : مهلاً يا عثمان ، فإن خصاء أمتي الصيام . فقال : ( يا ) رسول الله ، فإن نفسي تحدثني أن أترهب في رؤوس الجبال . فقال : مهلاً يا عثمان ، فإن ترهب أمتي الجلوس في المسجد لانتظار الصلوات . فقال : يا رسول الله ( فإن نفسي ) تحدثني أن أسيح [ في الأرض ] قال : مهلاً يا عثمان ، فإن سياحة أمتي الغزو في سبيل الله والحج والعمرة . قال : يا رسول الله ، فإن نفسي تحدثني أن أخرج من مالي كله . قال : مهلاً يا عثمان ، فإن صدقتك يوماً بيوم ، وتكف عيالك وترحم المسكين واليتيم فتعطهما أفضل لك . فقال : يا رسول الله ، فإن نفسي تحدثني أن أطلق خولة [ بنت خويلد ] امرأتي ، قال : مهلاً يا عثمان ، فإن الهجرة في أمتي من هجر ما حرم الله ، وهاجر في حياتي ، وزار قبري بعد مماتي ، أو مات وله امرأة أو امرأتان أو ثلاث أو أربع . قال : فإن نفسي تحدثني بأن لا أغشى النساء . قال : مهلاً يا عثمان ، فإن الرجل ، المسلم إذا غشي أهله أو ما ملكت يمينه ، فإنه لم يكن له من وقعته تلك ولد ، كان له وصيف في الجنة ، وإن كان ( له ) ولد من وقعته فمات قبله ، كان له فرطاً وشفيعاً يوم القيامة ، وإن مات بعده كان له نوراً يوم القيامة . قال : يا رسول الله ، فإن نفسي تحدثني بأن لا آكل اللحم . قال : مهلاً يا عثمان ، فأنا أحب اللحم وآكله إذا وجدته ، ولو سألت [ ربي أن ] يطعمنيه ( في ) كل يوم لأطعمنيه . قال : يا رسول الله : فإن نفسي تحدثني ألا أمس الطيب . قال : مهلاً يا عثمان ، فإن جبريل أمرني بالطيب غباً ، لا ترغب عن سنتي ، [ فمن ] رغب عن سنتي ثم مات قبل أن يتوب ، ضربت الملائكة وجهه عن حوضي يوم القيامة . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وغلّظ ) فيهم المقالة وقال : إنّما هلك من كان قبلكم بالتشديد ، شددوا على أنفسهم فشدد عليهم ، فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع . اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وحجوا واعتمروا ، واستقيموا يستقم يستقم لكم " ، فنزلت : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ } إلى { مُؤْمِنُونَ } . والاعتداء " ها " هنا هو ما نووا من جب أنفسهم ، نهو عن ذلك ، قاله السدي . وقيل : هو ما نووا من التحريم على أنفسهم . وقال الحسن : معنى : { لاَ تَعْتَدُوۤاْ } إلى { مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } . وأصل الاعتداء : التجاوز إلى ما لا يحل .