Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 95-95)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } الآية . { هَدْياً } حال من الهاء في ( به ) ، ويجوز نصبه على البيان ، ويجوز نصبه على المصدر . و { بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ } نعته ، والتقدير فيه : التنوين . والمعنى : يا أيها الذين صدقوا ، لا تقتلوا صيد البر وأنتم حرم لحج أو عمرة . { وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً } ( أي ) ناسياً لإحرامه ، معتمداً لقتل الصيد ، فإن كان ذاكراً لإحرامه وتحريمه ، فمجاهد وابن زيد يقولان : لا حكم عليه و [ نقمة ] الله منه أعظم . ومن الناس من قال : لا حج له . ومن قتل الصيد خطأ ، فعليه ما على المتعمد عند مالك وجماعة غيره . وقيل : لا شيء عليه ، إنما أتى النص في المتعمد . وقال الزهري : نص الله على المتعمد وأتت السنة بما على المخطيء . ( قال أبو محمد ) : ( وإيجاب الجزاء على المخطئ ) يحتاج إلى نظر ، وقد أفردنا لذلك كتاباً لاتساع الكلام في ذلك ، إذ ظاهر النص يعطي ألا شيء على المخطئ ، وإيجاب الجزاء على المخطئ [ أولى ] لدخوله تحت عموم الابتلاء في قوله { لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ } [ المائدة : 94 ] ، ولدخوله تحت عموم النهي في قوله : { لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ } ، ولدخوله تحت عموم التحريم في قوله / { وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً } [ المائدة : 96 ] ، ولأنه عمل أهل المدينة ، ولِمَا قال ابن شهاب : إنه السنة . ومعنى { فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ } هو ( أن ينظر ) إلى أشبه الأشياء به ، فيجزيه ( به ) ويهديه إلى الكعبة . فمن أصاب نعامة فعليه بَدَنَة ، وفي بيض النعامة عُشر ثَمن البدنة ، هذا قول مالك ، كما يكون في جنين الحرة ( غُرَّةٌ : عَبْدٌ أو ) وليدة ، وقيمة الغرة خمسون ديناراً وذلك عُشر دية الأم . وفي الظبي شاة . وفي الأرنب - عند مالك - قيمتها من طعام ، وكذلك ما أشبه الأرنب ، مثل اليربوع وشبهه ، مثل الضب : فإن شاء أطعم كل مسكين مداً ، وإن شاء صام لكل مُدٍّ يَوْماً ، هو بالخيار . وفي الحَمَام - عند مالك شاة . وفي حمام الحِلّ حكومة عند مالك ، وليس كحمام الحرم ، وكره مالك أن يذبح الأهلي وهو محرم . وعلى كل واحد من الجماعة - إذا اشتركوا في قتل صيد - جزاء عند مالك . وصيد الحرم حرام على الحلال عند جميع العلماء . ورخص مالك في إدخال الصيد من الحل إلى الحرم . ومنعه غيره ، وكرهه ناس . وإذا نتف المحرمُ من الطيرِ ما يَضُرُّ به ويخاف منه هلاكه ، فعليه جزاؤه تامّاً عند مالك . وإذا أحرم وفي يده صيد فعليه أن يرسله . ويأكل المحرم لحم الصيد إلا ما اصطيد من أجله ( عند مالك ، فإن أكل منه وقد صيد من أجله ) فعليه جزاء ذلك الصيد عند مالك . وكفارة الصيد في قتل الصيد ككفارة الحر . ولا يكون الجزاء إلا بمنى أو بمكة . ويحكم في الجزاء عدلان يجتهدان . ولا يحكمان في ذلك من الإبل والبقر والغنم إلا بما يجوز في الضحايا . وإذا اختلفَ الحكمان في الجزاء ، ابتدأ الحكم غيرهما . ولهما أن يحكما بغير أمر الإمام ، وله أن يرجع إلى غيرهما . وعلى من قتل صيد الجزاء أن يكفر بإطعام مساكين ، أو يصوم لكل مُدٍّ يَوْماً ، فللحكمين أن يُقوِّما الجزاء بطعام ، فإن شاء أتى بالجزاء ، وإن شاء أطعم الطعام : مداً لكل مسكين ، وهو قوله { أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ } وإن شاء صام عن كلّ مُدٍّ يَوْماً ، وهو قوله : { أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً } ، هو مخير في ذلك . ولا يطعم بعضاً ويصوم بعضاً ، بل يطعم الكل أو يصوم عن الكل . وقيل : يصوم عن كل نصف صاع يوماً ، وهو قول من قال : يعطي الطعام ، نصف صاع لكل مسكين . والعَدْل : المِثْلُ ، والعِدْلُ ( نصف ) الحمل . وقال الكسائي : هما لغتان في المثل . وقرأ طلحة بن مصرف والجحدري : { أَو عَدْلُ } بالكسر ، وأنكر ذلك جماعة من أهل اللغة ، لأن العِدل ( نصف ) الحمل . وقال الكسائي : عَدل الشيء : مثله من غير جنسه ، وعِدله : مثله من جنسه . وقوله : { عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف } أي : عفا لكم عما سلف لكم في جاهليتكم من قتل الصيد وأنتم حرم ، ولكن من عاد فقتله - وهو محرم - فالله ينتقم منه في الآخرة , وعليه الكفارة . وقد ذكر ابن عباس أن المعنى : من عاد مرة أخرى فقتل متعمداً ، فلا حكم عليه ، والله ( ينتقم منه ) ، ومن عاد خطأ حكم عليه . وقال عكرمة : لا يحكم عليه ، ذلك إلى الله . وقيل : المعنى عفا ( الله ) لكم عن قتلكم الصيد قبل تحريمه عليكم ، ومن عاد لقتله بعد تحريمه عليه . عالماً بقتله وبِإِحْرامِه ، فالله ينتقم منه ، ولا كفارة عليه . { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } / ( أي ) : ممتنع ، { ذُو ٱنْتِقَامٍ } أي : ذو عقوبة لمن عصاه .