Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 97-97)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ } الآية . إنما سميت الكعبة كعبة لتربيعها ، قاله عكرمة ومجاهد . وقيل : لتربيع أعلاها . ومعنى { قِيَٰماً } أي : جعلها بمنزلة الرئيس الذي يقوم به أمر أتباعه ، فهي تحجزهم عن ظلم بعضهم بعضاً ، وقيل : جعلها مصالح لأمورهم ، كالرئيس الذي يصلح أمر من يتبعه ، وكذلك { ٱلْهَدْيَ وَٱلْقَلاَئِدَ } جعل ذلك أيضاً قياماً للناس . والناس - هنا - : مَن كان في الجاهلية ، كان الرجل لا يخاف إذا دخل في الحرَم ولو لَقِي من قتل أباه أو أخاه ، لم يخف الفاعل في الحرَم ، وإذا لَقِي الهدي لم يَعرِضْ له القاطع ولا الجائع ، وكان الرجل إذا أراد الحج تقلد بقلادة من شعر ، وإذا رجع تقلد بقلادة من لحاء شجر الحرم ، فلا يعرض له ولا يؤذى حتى يصل ( إلى ) أهله . وقيل : الناس هنا : جميع الناس . قال ابن عباس : قياماً لدينهم ومَعْلَماً لحجهم . قال ابن زيد : كان الناس كلهم فيهم ملوك يدفع بعضهم عن بعض ، ولم يكن في العرب ملوك يدفع عن بعضهم ( ظلم بعض ) ، فجعل الله لهم البيت الحرام قياماً ، يدفع بعضهم عن بعض ، وكذلك الشهر الحرام لا يؤذى أحد في الحرم ، ولا في الشهر الحرام وإنْ كان ذا جناية ، وهذا ( كله منسوخ ) بالحدود ( و ) بقوله : { فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ } [ التوبة : 5 ] ، لا يمنع الحرم من الاقتصاص من جان ، ولا من إقامة حد على من وجب عليه الحد ، وهذا إجماع . وقيل { قِيَٰماً } يأتمون بها ويقومون بشرائعها . وقيل : ( معنى ) { قِيَٰماً لِّلنَّاسِ } : أي : بالحج يَسْلَمُون من استعجال العقوبات . قال بعض العلماء لو ترك الناس الحج عاماً واحداً ما أنظِروا . / قوله : { ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } الآية . ( ذلك ) إشارة إلى ما تقدم من قوله : { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ } الآية ، فالمعنى : ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما تحدثون وما تصنعون ، كما يعلم ما في السموات و { مَا فِي ٱلأَرْضِ } ، ولتعلموا أن الله بكل شيء عليم ، لا يخفى عليه شيء من أموركم . قال المبرد : كانت الجاهلية تعظم البيت الحرام و { ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ } ، كانوا يُسَمُّون رجباً : الاصم " ، لأنه ( لا ) يسمع فيه وقع السلاح ، فأعلم الله ما يكون منهم من إغارة بعضهم على بعض ، فألهمهم ( الله ) ألا يقاتلوا في الأشهر الحرم ، ولا عند البيت الحرام ولا مَن كان معه القلائد ، ثم أعلمهم أن الذي ألهمهم هذا يعلم ما السماوات وما في الأرض . وفي تكرير الاسم في قوله : { وَأَنَّ ٱللَّهَ } ، ولم يقل : " وأنه " ، معنى التعظيم .