Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 111-111)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ ٱلْمَلاۤئِكَةَ } الآية . وهذه الآية من الله ( إعلام ) يُزيل بها طمع النبي من ( أن يؤمن ) هؤلاء العادلون بربهم الأوثانَ ، الذين سألوا الآية وأقسموا إنهم يؤمنون إذا نزلت ، فأخبر تعالى أنهم لا يؤمنون ولو جاءتهم كلُّ آيةٍ ، فقال تعالى : لو نزّلتُ إليهم الملائكة ، أي : عياناً { وَكَلَّمَهُمُ ٱلْمَوْتَىٰ } بأنك مُحِقٌّ فيما تقول ، { وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ } أي : جمعنا عليهم ، { كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً } أي : عياناً . / وقيل : معناه : آتيناهم بما غاب عنهم من أمور الآخرة ، ما آمنوا { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ } ، عزى الله نبيه بهذا ، وأعلمه أن من سبق في علم الله ألا يؤمن ، فلا ينفعه شيء . قوله : { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } : أي : يجهلون ما في مخالفتك - يا محمد - وهم يعلمون أنك نبي صادق فيما جئتهم به . وروي " أن النبي عليه السلام كان يداعب أبا سفيان بمِخْصَرَة في يده ، يطعن بها أبا سفيان ، فإذا أخرقته قال له : نح عني مخِصَرَتَك ، فوالله لو أسلمتُ إليك هذا الأمر ، ما اختلف عليك فيه اثنان . فقال له النبي : أسألك بالذي أسلمت له ، ( عن أي : شيء كان قتالُك إيّايَ ) ؟ . قال له أبو سفيان : تظنُّ ( أنيِّ كَنْتُ ) أقاتلك تكذيباً مني ، والله ما شككت في صِدقك ، وما كنت أقاتلك إلا حسداً مني لك ، فالحمد لله الذي نزع ذلك من قلبي . فكان النبي يشتهي ذلك منه ، ويَتَبَسَّم إليه " ومن قرأ ( قُبُلاً ) بالضم ، احتمل ثلاثة أَوْجُهٍ : - أحدها : أن يكون جمع " قبيل " ، كرغيف ورُغُف . والقبيل : الضمين والكفيل ، ويكون المعنى : وجمعنا عليهم كل شيء يَكتفِل الملائكة لهم بصحة هذا ، لم يؤمنوا ، كما قال : { أَوْ تَأْتِيَ بِٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ قَبِيلاً } [ الاسراء : 92 ] أي : ضميناً . - والوجه الثاني : أن يكون " القُبُل " واحداً ، بمعنى المقابلة ، تقول : " أَتَيْتُكَ قِبَلاً لا دُبُرا " : إذ أتيته من قِبَل وجهه ، فالمعنى وجمعنا عليهم كل شيء من قِبَل وُجوهِهم . - والوجه الثالث : أن يكون ( قُبُلاً ) جمع " قبيل " أيضاً ، ويكون " قبيل " بمعنى : فِرْقة وصنف . فالمعنى : وحشرنا عليهم كل شيء صنفاً صنفاً وقبيلة ( قبيلة ) ، فيكون ( قبلاً ) جمع " قبيل " و " قبيل " جمع " قبيلة " . ومن قرأ ( قِبَلاً ) فمعناه : عياناً ، أي : معاينة . وهذا ( إعلام ) للنبي كإعلام نوح : { أَنَّهُ ( لَن يُؤْمِنَ ) مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ } [ هود : 36 ] . وقال المبرد : ( قِبَلاً ) بمعنى ناحية : أي : وجمعنا عليهم كل شيء ناحية ، كما تقول : " لي قِبَلَ فلانٍ مالٌ " ، أي : ناحِيتَه ، فكان نصبه - على هذا - على الظرف ، وعلى الأقوال المتقدمة : على الحال .