Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 139-139)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَٰمِ } الآية . قوله : { خَالِصَةٌ } : أُنّثت ( ما ) لتأنيث ( الأنْعَامِ ) ، لأن ما في بطونها ملتبس بها ، كما قال : @ ( مشين كما اهتزّت رماح ) تَسَفّهَتْ أعاليها مَرُّ الرِيّاح النواسم @@ فأنِّث ، لأن المَرُّ من الرياح ، هذا قول الفراء . وقال الكسائي والأخفش : دخل التأنيث للمبالغة . وقيل : " التأنيث على معنى ( ما ) ، / والتذكير على اللفظ " ، كذا قرأ ابن عباس ( خَالِصُهُ ) بالتذكير ، والمعنى : ما خلص منه حياً لذكورنا . { وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَٰجِنَا } يعني الإناث " . وقرأ الأعمش ( خَالصٌ ) بغير هاء ، على التذكير على اللفظ ، ولأن بعده { وَمُحَرَّمٌ } . وهذه الآية - في قراءة الجماعة - أتت على خلاف نظائرها في القرآن ، لأن ما يحمل على اللفظ مرة وعلى المعنى مرة ، إنما يتقدم أولاً الحمل على اللفظ ثم يليه الحمل على المعنى ، نحو : { مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ } [ البقرة : 62 ] ثم قال : { فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ } [ البقرة : 62 ] ، ونحو { وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً } [ الرعد : 15 ] ثم قال : { وَظِلالُهُم } [ الرعد : 15 ] ، وهو كثير ، هكذا يأتي في القرآن وكلام العرب ، يتقدم الحمل على اللفظ ، ثم يحمل بعد ذلك على المعنى . وهذه الآية تقدم الحمل ( فيها ) على المعنى فقال : ( خالِصَة ) ، ثم حمل بعد ذلك على اللفظ فقال { وَمُحَرَّمٌ } . ومثله قوله : { كُلُّ ذٰلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً } [ الإسراء : 38 ] ، فقال أولاً ( سَيئةً ) فأنث وحمل على معنى ( كل ) ، لأنها اسم لجميع ما تقدم مما نهى عنه من الخطايا ، ثم قال بعد ذلك ( مَكْروهاً ) ، فذكّر على لفظ ( كل ) ، وهذا إنما هو على قراءة نافع ومن تابعه . وكذلك { مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُواْ عَلَىٰ ظُهُورِهِ } [ الزخرف : 12 - 13 ] ، فجمع " الظهور " حملاً على معنى ( ما ) ، ووحّد الهاء حملاً على لفظ ( ما ) . وحكي عن العرب : " ليت هذا الجراد قد ذهب فأراحنا ( من ) أَنْفُسِهِ " ، فجمع " الأنفس " ووحّدُ الهاء وذكّرَها . ومن قرأ ( يَكُن ) بالياء ، رده على لفظ ( ما ) ، وردّه أيضاً على ما بعده ، لأن بعده ( فَهُمْ فيه ) ، ولم يقل : " فيها " ، والمعنى : ( وإن ) يكن ما في بطونها ميتةً . ومن رفع ( مَيْتَةٌ ) جعل " كان " بمعنى " وقع " ، وقال الأخفش : التقدير : " وإن تكن في بطونها ميتةٌ " ، جعل الخبر محذوفاً . ومن قرأ بالتاء ، أنّث على معنى ( ما ) . وقيل : التقدير : " وإن تكن النّسمة ميتةً " . و ( هي لما ) في بطون الأنعام التي يسمونها الوصيلة ، وهي الشاة : كانت إذا ولدت ستة أبطن : عناقَيْن ( عناقيْن ) ، وولدت في السابع عناقاً وجدياً ، قالوا : وصلت أخاها ، فكان لبنها حلالاً للرجال حراماً للنساء ، فإن ماتت أحل لحمها للرجال والنساء ، فعابهم ( الله ) بهذه الأحكام التي لم يؤمروا بها . ومعنى الآية - في قول ابن عباس - أن الذي ذكروه مما في بطون الأنعام : هو اللبن ، جعلوه حلالاً للذكور ، ( وحراماً على الإناث . قال قتادة : هو ألبان البحائر ، حلّلوه للذكور ) ، وحرموه على الإناث ، وإنْ يَكن ميتة اشترك فيه الذكور والإناث . قال ابن عباس : كانت الشاة اذا ولدت ذكراً وذبحوه ، أكله الرجال دون النساء ، وإن كانت أنثى تركت فلم تذبح ، ( وإن ) كانت ميتة فهم فيه شركاء . قال السدي وغيره : عنى بذلك ما في بطون الأنعام من الحمل ، إن ولد حياً ، فهو للرجال دون النساء ، وإن ولد ميتاً أكله الرجال والنساء . والأزواج هنا : نساؤهم . وقال ابن زيد : الأزواج هنا : بناتهم . { سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ } أي : سيكافئهم وصفهم ، أي : على وصفهم ، وهو قولهم الكذب ، قال قتادة : وصفهم : كذبهم ، أي : يجزيهم عليه .