Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 31-31)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ } الآية . المعنى : قد وُكس فيه بيعه من باع الإيمان بالكفر . وقيل : المعنى : " قد خسروا أعمالهم وثوابها " . ومعنى لقاء الله هنا : أنه البعث والنشور اللذان عندهما يكون لقاء الله والمصير إليه . ويجوز أن يكون معناه : كذبوا بلقاء ثوابه وعقابه - ( وقد قيل ) في قوله تعالى : { فَلاَ تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَآئِهِ } [ السجدة : 23 ] أي : في شك من لقاء موسى ربَّه وتكليمهِ له - ، ولا يكون اللقاء في هذه الآية النظرَ إلى الله جل ذكره ، لأنهم لم يؤمنوا بالبعث ، فضلاً عن النظر إليه ، وإذا لم يؤمنوا بالبعث ، فأحرى ألا يؤمنوا بالنظر ، لأن البعث يؤدي إلى النظر إلى الله تعالى ذكره ، يَرَاه المؤمنون يوم القيامة . وقد يكون اللقاء بمعنى القرب والنظر في غير هذا . ويكون اللقاء بمعنى السبب الذي يؤدي إلى اللقاء ، مثل هذه الآية ، ومنه قولهم : " اللهم بارك لنا في لقائك " ، يراد به : بارك لنا في الموت الذي يؤدي إلى البعث الذي فيه لقاؤك ، وقال الله : { مَن كَانَ يَرْجُو لِقَآءَ ٱللَّهِ } [ العنكبوت : 5 ] أي : يخاف الموت . و { بَغْتَةً } نصب على الحال ، وهو مصدر في موضع الحال عند سيبويه ، ولا يقاس عليه غيره . قوله : { يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا } : هذا ( حين ) يرى أهل النار منازلهم من الجنة لو عملوا بعمل أهل الجنة ، فيندمون على التفريط / في الدنيا ، فيقولون : { يٰحَسْرَتَنَا } أي : تعال يا حسرة ، فهذا وقتُك وإِبّانُكِ . والهاء في ( فيها ) عائدة على الصفقة ، وهي التي ذكرت قبل في قوله : { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَآءِ ٱللَّهِ } أي : خسروا ببيعهم الايمان بالضلالة ، ومنازلهم في الجنة بمنازلهم في النار ، فإذا جاءتهم الساعة ، تبين لهم خسران بيعهم ، وندموا صفقتهم فقالوا : { يٰحَسْرَتَنَا عَلَىٰ مَا فَرَّطْنَا فِيهَا } أي : في الصفقة ؟ ويجوز أن تعود الهاء على { ٱلدُّنْيَا } [ الأنعام : 29 ] ، لأن فيها كان تفريطهم . وقوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } أي : " آثامهم وذنوبهم " . وخص " الظهر " ، لأن الحمل قد يكون على غيره . وروي عن عمرو بن القيس المُلائي أن المؤمن إذا خرج من قبره ، استقبله أحسن شيء صورة ، وأطيبُه ريحاً ، فيقول : هل تعرفني ؟ ، فيقول : لا ، إلا أن الله قد طيّب ريحك وحسّن صورتك . فيقول : كذلك كنت في الدنيا ، أنا عملك الصالح ، طال ما ركبتك في الدنيا ، فاركبني ، أنت اليوم ، وتلا { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ إِلَى ٱلرَّحْمَـٰنِ وَفْداً } [ مريم : 85 ] . ( وإن ) الكافر يستقبله أقبح شيء صورة وأنتنه ريحاً ، فيقول : هل تعرفني ؟ . فيقول : لا ، إلا أن الله قد قبح صورتك ونتن ريحك . فيقول : كذا كنت في الدنيا ، أنا عملك السيء طال ما ركبتني في الدنيا ، فأنا اليوم أركبك . وتلا { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } . ورواه أبو هريرة عن النبي عليه السلام بهذا المعنى ، واللفظ مختلف . وقال السدي : ( قوله ) : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } : ليس من رجل ظالم يموت فيدخل قبره ، إلاّ جاءه رجل قبيح الوجه ، أسود اللون منتن الريح ، عليه ثياب دَنِسَة حتى يدخل معه في قبره . فإذا رآه قال له : ما أقبح وجهك ! ، قال : كذلك كان عملك قبيحاً . قال ما أنتن ريحك ! ، قال : ( كذلك كان ) عملك منتناً . قال : ما أدنس ثيابك ! ( قال كذلك ) كان عملك دنساً . قال : من أنت ؟ قال : أنا عملك . فيكون معه في قبره . فإذا بعث يوم القيامة قال : إني كنت أحملك في الدنيا باللذات والشهوات ، وأنت اليوم تحملني . قال : فيركب على ظهره فيسوقه حتى يدخله النار ، فذلك قوله : { وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَىٰ ظُهُورِهِمْ } . وروى المقبري عن أبي هريرة في حديث يرفعه قال : " إذا كان يوم القيامة ، بعث الله مع كل امرئ مؤمن عمله ، ويبعث مع الكافر عمله فلا يرى المؤمن شيئاً يروعه ولا شيئاً يفزعه ولا يخافه إلا قال له عمله : " أبشر بالذي يسرك ، فإنك لست بالذي يراد بهذا " . ولا يرى الكافر شيئاً يفزعه ولا يروعه ولا يخافه إلا قال له عمله : " أبشر يا عدو الله بالذي يسوءك ، فوالله ( إنك ) لأنت الذي ( يراد بهذا ) " " . وقوله : { أَلاَ سَآءَ مَا يَزِرُونَ } معناه : بئس الشيء يحملون .